جامعة الملك عبد الله: القيمة الأساس!!

Abstract

جامعة الملك عبد الله: القيمة الأساس!!د. خضر محمد الشيبانيقبل أكثر من سنتين كتبتُ في هذه الزاوية عدّة مقالات عن (جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية)، وهي ما زالت حينها رؤية طموحة لملك شغوف بالعلم والعلماء، ومجرّد مخططات عمرانية، وبنيوية، وأكاديمية تنتظر الانتقال إلى الواقع العملي، ونقف اليوم -بعد سنتين أو تزيد قليلاً- لنلمسها واقعًا يتمدّد -بكل طمأنينة- على ساحل واعد بالخير، ويتجسّد -بكل شموخ- على بقعة غالية من الوطن، ولنحتفل مع العالم بافتتاحها في (يوم الوطن). نستطيع أن نفهم تلك الفرحة العارمة التي زغردت في قلوب الجميع لتتجاوب معها أقلام الكتّاب، وطروحات المسؤولين، وحوارات الإعلاميين، ومن الطبيعي أن يُصاحب تلك الفرحة حماس ملتهب بالتفاؤل والطموح ممّا قد يرتفع بسقف التوقّعات فوق العملي والمتاح، أو يرى ما هو مُدرج في برامج طويلة الأمد، وكأنه قد أصبح واقعًا حيًّا، وبطبيعة الحال فإن مثل هذا الأمر مسموح به في عالم الإعلاميين، والكتّاب، والشعراء، إلاَّ أنه لا ينطبق على حسابات جامعة عالمية علمية تخضع فيها لمعايير علمية صارمة، ومعطيات عملية دقيقة، ومنافسة عالمية متصاعدة.لقد طرحتُ قبل أكثر من سنتين، ولمّا تزل الجامعة حلمًا على ورق، عن مدى تأثير الجامعة الجديدة على البيئة المحيطة من جامعات، وصناعات، وتفاعلات مجتمعية؛ فبالرغم ممّا تطرحه (كاوست) من وعود عبر ما تحمله خططها وتصوراتها من بلسم للعليل، وأمل للقانط، حيث تعد بالتخلّص من المركزية، وتبشّر بالاستقلال المالي، والكفاءة الإدارية، وتؤصّل مرونة الإجراءات، وحرية الحركة، لتتمكّن من استقطاب أفضل العلماء في العالم، وتهيئة (المناخ المناسب) لهم من حيث المزايا والإمكانات والخدمات؛ ليتفرّغوا لمهامهم الجليلة في مجالات البحث والتطوير؛ أقول: بالرغم من تلك الوعود التي بدأت تتحرّك على الأرض بفاعلية وعزيمة وإصرار، فإن من المهم أن يكون أكبر همومها هو نقل معطيات هذه التجربة العملاقة إلى خلايا الجسد الوطني، وبثّ هذه الروح الملتحمة مع تحديات العصر في كل بقعة من بقاع العلم والعمل والإنتاج على أرضنا الطيبة: سخيةً في عطائها، صادقةً في تجلّياتها، حاسمةً في تفاعلاتها.بطبيعة الحال لا يجوز لنا أن نسبق الأحداث، ولا بدّ أن تأخذ السنّة الكونية مسارها في التدرّج والنمو والحصاد بعد الزرع؛ ولكن ثقتنا كبيرة في أن (الإرادة) التي مهّدت وخططت لولادة هذا المشروع....