القصة الكاملة لم ترو بعد ..

Abstract

احتفلت السعودية بانضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، وذلك بعد محادثات ماراثونية، استغرقت أكثر من اثني عشر عاما، شهدت العديد من التقلبات ما بين اللحظات الإيجابية والمواقف الصعبة والسلبية. ولعل أهم من نشوة وفرحة الانضمام نفسه كان ما استفادت منه السعودية من مسيرة وخطوات الانضمام، فهذه المسيرة هي التي سمحت بإحداث مساحة غير مسبوقة من النقد والمراجعة للكثير من الوقائع والأنظمة والتشريعات التي كانت معيقة، وغير مناسبة، وبالتالي الاقدام على استحداث سلسلة من التشريعات المطلوبة. وهناك طبعا عدد من الشخصيات، التي كان لها الدور اللافت والمهم جدا في سبيل انجاز اتفاقية انضمام السعودية للمنظمة. وزير الصناعة والتجارة الدكتور هاشم يماني، كان له دور بارز في تحريك الملف بطريقة عملية وواقعية والتعامل مع الموضوع بصورته الواسعة دون التضييق بالتفاصيل، وكذلك كان دور مهندس الصفقة الدكتور فواز العلمي، الذي غاص في التفاصيل وكان موجودا في كافة جولات المباحثات وتعامل مع التحدي بشكل علمي وعملي، وفي المراحل الأخيرة الحاسمة ظهرت أهمية الأمير عبد العزيز بن سلمان وكيل وزارة البترول، والذي لعب أدوارا مميزة في المباحثات، تتخطى ملفات النفط والغاز، وساهم في ازالة عقبات صعبة، وأولا وأخيرا كان للثقل الشخصي لتدخل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في لقائه مع الرئيس الأمريكي جورج بوش، بمزرعته بكروفورد تكساس، الأثر الأهم في إزالة العقبات بقرار سياسي استثنائي. وهناك طبعا شخصيات أخرى كقاض من محكمة الرياض شارك في المباحثات، وكان لوجوده ثقل معنوي غير بسيط وهو الشيخ محمد الأمين القاضي بالمحكمة (أ) من محاكم ديوان المظالم، وكذلك عبد الرحمن الخرب مدير عام التعرفة الجمركية بمصلحة الجمارك، وهو الذي يعرف التقييم الجمركي لـ7177 سلعة جمركية، وهناك عبيد الله محمد عبيد الله المسؤول عن حقوق المؤلف بوزارة الثقافة والاعلام، وغيرهم من الرجال المخلصين. ولكن الصورة الوردية لا تكتمل بلا ذكر للسلبيات والاخفاقات التي كادت تعصف بجهود عشرات الرجال وعشرات الشهور، وتحديدا فيما حدث من تقاعس مهول ومخيف من لدن وزارة المالية ومؤسسة النقد تحديدا، وخاصة في مواضيع شديدة الحساسية، كالمصارف والخدمات المالية والتأمين. فالتباطؤ الذي كان يحدث من هاتين الجهتين غير مفهوم أبدا وخصوصا بعد «الاتفاق» على أمور معينة، ويعطل التنفيذ من دون أسباب مقنعة، وهذا مجرد مثال وهناك غيره. قصة الانضمام للمنظمة قصة نجاح سعودية، يجب أن تروى بأمانة وللجميع، بل ليس هناك من مانع أن تدرس هذه القصة في المعاهد والجامعات، لأن فيها دروسا وعبرا وسوابق إدارية في غاية الأهمية، تشكل نقلة نوعية في الفكر الاداري وفي مواجهة التحديات. طرح القصة وروايتها بشكل واضح، سيجعل من فرص المباحثات التفاوضية المستقبلية، ان يكتب لها النجاح بشكل أسرع، وبتكلفة أقل، وهذا مطلب لا يختلف عليه أحد. hussein@asharqalawsat.com