التلقي الأمريكي لقضية فتاة القطيف

Abstract

تعدّ التفاعلات المحلية والدولية التي تركتها قضية ماصار يعرف بين الناس ب(فتاة القطيف) تفاعلات قويّة لم تقتصر على الجانب الاجتماعي، بل تجاوزته إلى الجانب السياسي منذ أن طرحت في قمة أنابوليس في شهر نوفمبر الماضي. وقد ردّ صاحب السمو الملكي وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل على التساؤلات التي طرحت عليه في تلك القمة موضحًا أن الحكم الصادر ضد الفتاة قيد المراجعة، وبيّن أنه جرى استغلال الموضوع من خلال تحوير ذلك الحكم للإساءة إلى السعودية. وقد كتبت مقالات وتقارير غاضبة، وأجريت في وسائل الإعلام الأمريكية المرئية والمسموعة مقابلات وتحليلات واسعة انتهى بعضها إلى اتهام المجتمع السعودي بالتقاعس عن نصرة المرأة بشكل عام وتجاهل تلك المأساة الخاصة. وبعض ردود الفعل كان بعيداً عن الموضوعية وبعضها كان متطرفاً بشكل حادّ؛ فتجاوزت الحالة موضوع النقاش إلى إصدار أحكام قطعية ضد النظام الديني والاجتماعي والسياسي في السعودية. وحينما صدر أمر العفو من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله عرضته بعض القنوات الأمريكية عرضًا سريعًا لم يحظ بالتحليل والنقاش كما حظي به موضوع الحكم. ولكي نفهم سبب الاهتمام العالمي بتلك القضية، لابد أن نضع بعين الاعتبار عنصرين مهمين لهما تأثير كبير على المتلقي الغربي؛ أولهما أن الضحية في الموضوع هي امرأة، وثانيهما أن البلد الذي حصلت فيه الحادثة هو السعودية. فالمرأة اليوم تحتل أهمية كبيرة فيما يعرف بالعالم الحديث الذي أخذت فيه قضايا المرأة أبعادًا يمكن وصفها بأنها أبعاد جنسوية/جندرية، (أي تعتمد التفرقة على أساس الجنس). وقد يعود السبب في ارتفاع أسهم صوت المرأة عالميًا إلى نجاح الحركة النسوية العالمية وخاصة في أمريكا في تبنّي قضايا المرأة في العالم ونصرتها والوقوف إلى جانبها. ويمكن التدليل على ذلك بموقف النساء الأمريكيات من قضية السيدة النيجيرية المسلمة (أمينة لاوال) في أواخر عام 2003وبداية عام 2004حينما حكمت عليها محكمة في نيجيريا بالرجم بسبب وقوعها في الزنا. وقد حصل ضغط إعلامي شديد في أمريكا، وقامت مظاهرات حاشدة للتنديد بالحكم والمطالبة بإنقاذ تلك السيدة من القتل. وأتذكر جيدًا كيف أن الطالبات المتحمّسات يقدن المظاهرات التي تجوب الحرم الجامعي لجامعة إنديانا منذ الصباح الباكر وحتى بعد العصر؛ وكن مجموعة كبيرة من الفتيات الغاضبات جدًا والهادرات....