هيئة الغذاء والدواء: المواجهة والمصارحة

Abstract

هيئة الغذاء والدواء: المواجهة والمصارحةكلمة الاقتصادية الشكوى الدائمة في نشاط التسوق السعودي من رداءة بعض السلع أو الغش فيها أو التلاعب في مواصفاتها ومسميات مصادرها وأسعارها سواء كانت مأكولات أو مشروبات أو أدوية وعقاقير أو غيرها من مستحضرات النظافة والتجميل.. هذه الشكوى التي ظلت تراوح مكانها في التعويل على تدخل حماية المستهلك والبلديات وهيئة المواصفات والمقاييس ثم هيئة الغذاء والدواء، وجدت من هذه الأخيرة حسما قاطعا ولاقت تثمينا عاليا من قبل الجميع، خصوصا بعدما أعلنت هيئة الغذاء والدواء في بيان منها عن تصميمها على التشهير إعلانيا عن المنتجات والسلع التي تخالف معايير الجودة السعودية أو لا تطابق المواصفات والمقاييس المعتمدة وذلك بالإشارة الصريحة إليها وإلى أسماء الشركات أو الأفراد أو الجهات التي ترتكب هذه المخالفات. هذا الإجراء الواضح الصوت والصورة هو ما سيمنح المهام التي من أجلها أنشئت هيئة الغذاء والدواء مصداقية حضورها المؤسسي وهو الذي سيجعل للشفافية مفهومها الفعلي، مالكة لقدمين راسختين قادرتين على المشي بثقة على الأرض والسعي في أسواقنا بعينين مفتوحتين وضمير حي يقف على ما يباع ويشترى من غذاء ودواء للتأكد من أنها مما يتطابق تماما مع المواصفات والمقاييس شكلا ومحتوى. لقد أحدث إعلان هيئة الغذاء والدواء دويا معنويا عاليا في نفوس عموم المستهلكين مواطنين ومقيمين، لأنه يعني حراسة يقظة تدرأ عن الجميع مغبة مخاطر استهتار واستخفاف من لم يردعهم ضمير أو خلق وأسرفوا على العباد والبلاد ببيع مواد تموينية أو علاجية مغشوشة حينا أو التلاعب في مواصفاتها أو أسماء شركاتها أو تواريخ الصلاحية أحيانا أخرى، في مسعى للكسب والاتجار السريع على حساب مغافلة ثقة الناس والقانون دون رادع أو وازع. تأتي أهمية ما أعلنت عنه الهيئة كونه توجها يصب في إطار تأكيد خادم الحرمين الشريفين على إنفاذ استراتيجية محاربة الفساد وحماية النزاهة والتي عبرت عنها كلماته المتألمة الحازمة ـ حفظه الله ـ في بيانه حول كارثة السيول في جدة وما تسببت فيه من أضرار فادحة من جرّاء تقصير البعض في النهوض بواجباتهم، مؤكدا أن (كائنا من كان) سيطوله الحساب على تقصيره.. كما تأتي أهمية إعلان الهيئة كونه يمثل استجابة لنداءات كثيرة متلاحقة عبرت عنها أقلام الكتاب وتحقيقات الصحف والبرامج الإعلامية المرئية والمسموعة التي لم تأل جهدا في التوعية والتنبيه إلى ما يخالط بضائعنا وسلعنا الغذائية والدوائية من غش وتدليس هنا أو هناك (وهي الأهم) علاوة على سواها من بضائع وسلع أخرى. من هنا فبيان الهيئة عن تصميمها على الإعلان عن المخالفات والمخالفين يعزز لدى عموم المستهلكين الثقة والطمأنينة بشأن ما يأكلون ويشربون وبشأن ما يستطبون به، كما يقرع جرس إنذار عالي الرنين لينبه أولئك السادرين في غيهم أو من قد تسول لهم أنفسهم في توزيع منتج غذائي أو علاجي ونشره في هذا الموقع أو ذاك، في هذه المنطقة أو تلك، بل إن بيان هيئة الغذاء والدواء يقدم لجمعية حماية المستهلك دفعة قوية لكي تستنفر قواها وتمارس مهامها بشجاعة وأن تمضي إلى الأسواق لترى وتعاين بنفسها مسابقة ما اعتادت على وروده إليها من التقارير والشكاوى فالحضور إلى الميدان بات هو المطلوب وليس الاكتفاء بما يصل إلى المقر من أوراق أو مكالمات، وحتما ستجد جمعية المستهلك في حراكها الجديد أصدقاء بحجم الوطن يسهمون معها لمساعدتها على أداء مهامها مثلما وجدت هيئة الغذاء والدواء تجاوب الوطن بمناطقه معها تجاوبا ممتنا متفاعلا مع منهجها الجديد في المواجهة والمصارحة.