بمناسبة اليوم الوطني أغرب من الخيال
التاريخ
7-10-2005التاريخ الهجرى
14260904المؤلف
الخلاصة
حذفت من عمري خمسين عاماً منذ فتحت عيني على ثرى هذه الأرض المباركة.. كنت أعيش طفولتي كأيّ طفل أسكن في بيت قديم، آكل وأشرب وأنام وألعب وأركض في شوارع مكة المكرمة الضيقة وأزقتها وأسمر مع إخواني وجيراني على ضوء القمر في الليالي البيض وعلى (السرج والفوانيس والأتاريك) في غيرها ونفرح في الأعياد والمناسبات ونسعد أيضاً بإجازة اليوم الوطني. نجلب الماء بالزفة أو بالصفائح الأسطوانية و(تنك السمن) على ظهور الحمير - أكرمكم الله - وننام في عز القيظ مبللين الشراشف ونأكل العيش الناشف، ونرضي ب (ميم صدر، والكلمين والماكروكروم، وصبغة اليود، والنوفالجين والأسبرين والكوسكبان والداجنان والسعوط والفكس والحجامة والسنا مكي، وصُك ولُك)، وبعض الزيوت ووصفات العطارة وما شابهها كأدوية ووسائل تسكين الألم وتضميد الجروح، وندرس ونصلي في المساجد والأمور (ماشية) في ستر وصون من الله تبارك وتعالى. وما لبثنا وتمر الأيام والشهور إلا ونشهد تطوراً يخلب الألباب وحدثت أمور أغرب من الخيال ونعدها من المحال. من أراد أن يتأمل ما حدث حوله من إنجازات تكاملت في هذا العهد الميمون وفي فترة زمنية قصيرة، لا يدركها جميعها في وقت واحد كالذي لا يدرك حقيقة كيف نما شعر رأسه، فهذه مناطق ومدن المملكة ومحافظاتها وقراها وهجرها، باديتها وحاضرتها، سهولها ووديانها، تغير فيها كل شيء في غضون أعوام معدودة نحو الأفضل، شوارع فسيحة، وطرق سريعة، وجسور وأنفاق، وميادين رائعة وبنايات شاهقة وسكك حديدية ومطارات وموانئ، وحدائق غناء، ومعاهد للأسوياء والمعوقين والمكفوفين والصمّ والبكم، ومدارس تعليم بنات وعام وخاص ومحو أمية، وجامعات وكليات ووزارات ودور حكومة ومراكز شرطة ومحاكم وكتابات عدل، ومكتبات عامة ومصارف ومساجد وزراعة وصناعة وصناديق تنمية وقروض وصحة وثقافة وفن وصحف ومجلات وأدب وطباعة مصحف ونشر كتب وإذاعة وتلفزة ورياضة ورعاية اجتماعية ومراكز دعوة هنا وهناك وجمعيات خيرية ومياه محلاة، وشبكات كهرباء واتصالات ومنتجعات سياحية وفنادق وشواطئ فسيحة، وقوات جوية وبرية وبحرية متطورة، وكل ما يخطر على البال من وسائل تقنية وأساليب حضارية. وهذا غيض من فيض في ذكرى اليوم الوطني، وهي ذكرى عزيزة على قلوبنا، وأعاد الملك عبد الله - حفظه الله - طعم هذا اليوم وحلاوته حيث أمر - حفظه الله - بأن يكون يوم إجازة، وما زاد الفرح وجعله فرحين بل أفراحاً إعلانه بشأن إعطاء فرصة أخرى لمن يريد تسليم نفسه من الإرهابيين وهي لعمري أعظم فرصة لهذه الفئة التي ضلت الطريق لتصحيح وضعها والاندماج مع السواعد التي تؤسس وتبني وتشيد لا تهدم ولا تزعزع ولا تقوض، وفلولها تدرك تماماً أنها مخيرة بين أمرين إما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدا؛ فحياتهم بما هم ماضون فيه لا تسرنا ومماتهم لا يغيظ الأعداء لأنهم يضحون بأرواحهم ليس في سبيل الذود عن حياض المسلمين واسترداد أراضيهم المغتصبة أو المسجد المسلوب بل يزهقون أرواحاً بريئة من بني جنسهم ومن جلدتهم ويشهدون الشهادة بلا ذنب اقترفوه، ويرملون نساءهم، وييتمون أطفالهم، ويروعون رجالهم، ويجتثون ثمار ما زرعه غيرهم، والخاتمة جهنم وبئس المصير. في هذا اليوم الوطني لا نملك سوى الدعاء علانية وفي ظهر الغيب لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله وولي عهده الأمير سلطان والأسرة الملكية بأن يجزيهم الله عنا وعن سائر المسلمين الجزاء الأوفى، ويؤيدهم بنصره وتمكينه، ويمتعهم بالتقوى والصحة والعافية، ويبلغهم بالحق ما يريدون، وينجيهم مما يخافون، والله يحفظهم ويسدّد على طريق الخير خطاهم.
المصدر-الناشر
صحيفة الجزيرةرقم التسجيلة
484158النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
12062الموضوعات
المجتمع السعودياليوم الوطني
عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (ملك السعودية) - ابناؤه
المؤلف
عدنان احمد كيفيتاريخ النشر
20051007الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية