الركن الخامس الحج .. إنجاز تطوى به صفحات هذا العام

Abstract

شهد العالم أجمعه ما منّ به الله تعالى على الأمة الإسلامية من تمام فريضة الحج في هذا العام، على وجهٍ مَرضيِّ الملامح، وفي جو لم تكدر صفوه الحوادث؛ فمن حين أن حطت وفود الرحمن رحالها في أفياء مكة المكرمة - إلى أن غادرها أكثرهم - وهم ينعمون بالأمن والطمأنينة والسلام، ويتنقلون في مناسكهم بين الشعائر رجالاً وركباناً، تلهج ألسنتهم بالتلبية، وتضرع قلوبهم إلى الله، ويستشعرون ما هم فيه من كرم الرفادة، وطيب الوفادة، وحسن الضيافة؛ فيرغبون إلى الله في أن يعظم الجزاء، ويوالي النعم لمن حملوا أمانة خدمة البيت العتيق، فرعوها حق رعايتها، وكانوا لها حافظين. إن حكومة المملكة العربية السعودية حينما شرفها الله بخدمة قبلة المسلمين، ومأوى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم؛ مكة المكرمة والمدينة المنورة، استشعرت التكليف قبل التشريف، واستنهضت الهمم في سبيل القيام بمسؤوليتها أمام الله أولاً ثم المسلمين في كل أنحاء المعمورة. والناظر ذو البصيرة المتزنة - السليمة من الأهواء - يجد تصديق ذلك في مراحل توسعة الحرمين الشريفين؛ بدءاً من عهد الملك عبد العزيز - رحمه الله - وانتهاء بالمشاريع الجبارة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله -، مروراً بالجهود الصادقة في عهد إخوانه من الملوك الراحلين - رحمهم الله أجمعين -. لقد كان منهجاً رسمه الوالد الكريم وسار عليه الأبناء البررة، وكأننا به - رحمه الله - جالساً مجلسه المعهود في كل عام من أعوام الحج، مستقبلاً ضيوف الرحمن، يلقي خطابه المشهود يعاهد فيه الله ثم المسلمين، على إخلاص دولته النية والعزيمة، من أجل توفير سبل الراحة لحجاج بيت الله ومعتمريه؛ وكان الفعل قد سبق القول والعهد؛ إذ كان - رحمه الله - قد أمر عام 1344هـ بإجراء ترميمات وصيانة شاملة للحرم المكي بأسرع ما يكون الإنجاز، وقد نُفِّذت أوامره في نفس تلك السنة قبل مجيء الحجاج. وفي عام 1346هـ تكرر أمره بإجراء عمارة عموم المسجد الحرام داخلا وخارجا، إضافة إلى إنشاء المظلات. ثم توالت أوامره بالعمارة والصيانة والترميم، وكانت أمانيه واضحة من تصريحاته في التوسعة الكاملة للمسجد الحرام والتي أمر بوضع التصميمات لها ثم نُفِّذت بعد ذلك من خلال أبنائه الملك سعود وفيصل وخالد - يرحمهم الله -، وهي التي تُسمَّى: التوسعة السعودية الأولى. وقد استمر العمل فيها بصورة متجددة من عام 1375هـ وحتى....