الملك عبدالله فى الشورى : الواقع والتطلعات

Abstract

تتجه الأنظار اليوم (السبت) إلى مجلس الشورى، للقاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وإلقاء أول خطاب له في المجلس، بعد مبايعته ملكاً على البلاد، وخادماً للحرمين الشريفين، وقائداً أعلى للقوات المسلحة، بُغْية معالجة القضايا المتصلة بهموم المملكة العربية السعودية، والمتوافقة مع اهتمامات المليك، وتصوراته، ورؤاه، وطروحاته، المنبثقة من معطيات الواقع، وظروفه، وتحدياته، وكيفية التعامل معها، مُعَبِّراً عن الحاجة إلى مشروع حضاري تنموي شامل، هو ثمرة توافق أبناء المجتمع السعودي، الذين استلهموه من أرض الواقع، كنتاج لتفاعلات مُرَكَّبَة سياسية، واقتصادية، وثقافية، بهدف بلورة رؤية مستقبلية إيجابية، تشير إلى الاستمرار والتطور بثوبٍ جديد، وترسخ القِيَم الذي تتمثل فيها الممارسات السياسية، والاجتماعية، والثقافية، والدينية، التي تقوم أساساً على المشاركة الشعبية في صُنْع القرار، في ظل ثورة علمية تقنية شاملة وبخاصة في مجال الإعلام والاتصالات. ولعل هذه المناسبة تتطلب استدعاء الحوار الوطني، الذي تبناه الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وجرى ويجري في المجتمع السعودي، والذي له ما يُسَوِّغُه. فهو حوار عربي بلسان عربي مُبين، يستند إلى أن يضطلع أفراد المجتمع السعودي، بمسؤولياتهم في حدودها الدنيا، أو المتوسطة، أو القصوى، قبل أن ينفّذ المتربصون به مشروعاتهم الخاصة بهم، وهو مشروع يستفيد من الفكر الإسلامي المستقيم، وهو تعبئة وتخطيط وتنفيذ في المقام الأول، تشارك في حمل مسؤولياته كل القوى الاجتماعية في المجتمع السعودي، من أجْل مستقبل أفضل لهم ولأبنائهم ولحفدتهم. ومن خلال الاطلاع على نتائج هذا الحوار، يجد المرء أنه يمثل نموذجاً لأزمة في التعامل مع القضايا المجتمعية الكبرى، بعيداً عن خلط المفاهيم، وتشويهها، ومحاولة لتأسيس بناء سياسي، واجتماعي، واقتصادي، وثقافي، لدولة تتفاعل مع حرية الفرد رجلاً وامرأة، وحقوقهم الأساسية كهدف ووسيلة لاستمرارية النسق الاجتماعي، والدفع به إلى الاستكمال بإزالة ما يعترض المجتمع السعودي من معوقات اجتماعية، وفكرية، وثقافية، يستخدم بعضها - مع الأسف - عدة لغات لا لغة واحدة، أسهمت في تهميش مبدأ المواطَنة. يقف المجتمع السعودي اليوم - وهو يستمع إلى المليك مخاطباً أعضاء مجلس الشورى - على أعتاب مرحلة جديدة، تتطلب التعامل بواقعية مع الهياكل السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، بعيداً عن الصراع الاجتماعي، وعدم تجاهل المعايير الإنسانية العامة والشاملة في تحديد التقدم، وأحوال المرأة، ودرجة التنمية، وحقوق الإنسان، ومدى التسامح الاجتماعي، والتأكيد على خصوصية المجتمع السعودي. خطاب الملك عبدالله بن عبدالعزيز اليوم أمام الشورى، يكرس أصلاً من أصول بناء الدولة السعودية الحديثة، وهو الإسلام الذي بنى وما زال هذه الدولة، وسيؤدي إلى استمرارها بدون إعاقات أو عاهات، والخروج بوعي المجتمع من نفق الإرهاب والفكر الإرهابي، وتشخيص (العلاقات العضوية الوثيقة بين الواقع من ناحية، والظواهر والأفكار من ناحية أخرى، والربط المحكم الوثيق بين النمط المعرفي، والواقع في أبعاده وتجلياته المختلفة). ويبقى الإصلاح: سياسياً، واجتماعياً، واقتصادياً، وثقافياً، مهيمناً على أولويات المجتمع السعودي، وقد خطا الملك عبدالله بن عبدالعزيز نحوه، خطوات الواثق من الوصول إليه، وتوظيفه في تعظيم المنافع السياسية والاقتصادية للمجتمع، ومحاربة انتشار الرشوة، والمحسوبية، والبطالة، والجريمة، والفساد الاجتماعي، والفساد الإداري، الذي يؤدي إلى تدهور حجم الخدمات المقدمة للمواطنين من: تعليم، وإسكان، وخدمات صحية. ولعل من المهم الإشارة إلى أن إجراءات التصحيح الاقتصادي، التي قادها الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أثّرت إيجاباً في نفوس الناس، وحققت قدراً من النجاح، وفي استطاعتها تحقيق نجاح أكبر، بعد أن حظيت بدعم شعبي كبير.