التضحية واجب وطني

Abstract

التضحية واجب وطنيرأي المدينةلنا أن نتصوّر كيف سيكون الوضع لو أنَّ كلاًّ من فتح وحماس تمسّكتا بموقفيهما، وأصرّتا على مطالبهما، التي اتضح بعد مرور حوالى عامين من الانقسام أنها غير قابلة للتحقيق، رغم الوساطة المصرية، والجهود العربية.النتيجة الحتمية لهكذا سيناريو هي استحالة التوصل إلى اتفاق ينهي هذا الانقسام، الذي بات يهدد القضية الفلسطينية من كافة جوانبها، بما يتطلب من الطرف الفلسطيني الأكثر حرصًا على الوحدة، والمصلحة الوطنية أن يضحّي، ويتخذ قرارًا شجاعًا ينهي هذا الانقسام، الذي تحاول إسرائيل إطالته إلى أجل غير مسمّى؛ باعتبارها المستفيد الأكبر منه، وهو ما نراه ماثلاً من خلال تحدّيها المجتمع الدولي، ومواصلتها الاستيطان، إلى جانب الاستمرار في بناء الجدار الفاصل، ومصادرة الأراضي، وطرد السكان في القدس الشرقية، والاستيلاء على منازلهم أو هدمها تحت ذرائع واهية.عندما ينصح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يحفظه الله- في خضم هذه الظروف الصعبة التي تمر بها القضية الفلسطينية، الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال زيارته للمملكة الأحد الماضي بـ (التضحية) لإنهاء حالة الانقسام الفلسطينية، فإنه إنّما يقدم للفلسطينيين رؤيته الحكيمة والصائبة لحل هذه المشكلة، التي لم تعد تحتمل المزيد من التأجيل. غنيٌّ عن القول إن المقصود بالتضحية ليس التنازل، وحتّى التنازل في حدّ ذاته ليس عيبًا؛ لأنه ليس تنازلاً للمحتل الغاصب، وإنّما من أجل عودة المياه إلى مجاريها بين إخوة السلاح، ورفقاء الدرب الواحد، وهو ما يتطلب من الجانبين (فتح وحماس) أولاً الإفراج عن المعتقلين، وإنهاء الحملات الإعلامية بينهما، والتحلّي بفضيلة النوايا الحسنة من أجل عودة اللُّحمة للقيادة والشعب تعزيزًا للقضية، وتطلعًا نحو العمل بجد لوقف الاستيطان الإسرائيلي، ووقف الإجراءات الإسرائيلية المتخذة بالقدس.رؤية خادم الحرمين الشريفين التي تنطلق من الحرص على ضرورة التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية على أسس الشرعية الدولية التي تؤكدها المبادرة العربية للسلام تعتبر ترجمة حقيقية لما تبذله الرياض من جهود صادقة لدى كافة الأطراف الإقليمية والدولية لتحقيق غاية وقف الاستيطان، التي ينبغي أن تتوج بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولة فلسطين المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.