هيئة البيعة .. نقلة حضارية ومنعطف جديد في تاريخ المملكة

Abstract

إن السياسة الحكيمة التي يمارسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ حفظه الله، لمعالجة القضايا المحلية في ظل المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لا بد أن تعطي ثمارها، وما تعديل المادة الخامسة من نظام الحكم اليوم إلا دليل قاطع على مدى حرصه على استتباب الأمن والاستقرار السياسي، ليس فقط للمحافظة على بقاء أبناء المغفور له الملك عبد العزيز وورثتهم في الحكم، ولكن هذا القرار له أبعاد أعمق وأوسع مما قد يتوقعه البعض، سواء كان ذلك على المستوى السياسي، الاجتماعي، والاقتصادي، في دولة مثل السعودية قبلة المسلمين جميعا ويسكنها أكثر من 22 مليون نسمة، عند نمو سكاني مرتفع يتطلب توفير المزيد من الخدمات العامة بصفة مستمرة وتمولها ميزانية عامة تستمد أموالها من بيع صادرات النفط بنسبة كبيرة، ما أعطى المملكة أهمية اقتصادية عالمية لها تأثير مهم في نمو الاقتصاد العالمي واستقراره. إن التجارب والمعاصرات التي خاضها خادم الحرمين الشريفين طوال فترة حكمه كونت لديه رؤية سياسية تقوّي من ركائز وأسس الحكم في السعودية، وترسم الخطوط الرفيعة التي قد يجهلها حتى المتخصصين، ويحاول أن يفسرها الذين لا يريدون خيرا لهذا الوطن بتفسيرات سنسمعها في الوسط الإعلامي المغرض. إن بروز بعض المتغيرات على الساحة العامة التي لا يمكن أن يتم التعامل معها بالمنظور القديم في وقت تخصص فيه الدولة العديد من شركاتها وخدماتها، وتحاول أن تدعم مشاركة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي، ما يستدعي أن يكون الملك وولي عهد الدولة قادرين على ممارسة أعمالهما حسب تقرير تلك اللجنة الصحية المعينة، حتى يتمكنا من أداء أعمالهما على أكمل وجه، لأن المسؤولية عظيمة والحرص على مصالح الوطن يحتاج إلى الكثير من التفكير ومعالجة القضايا بالحكمة وبالطرق الفاعلة التي تمس حاجات المواطنين، كما يفعله خادم الحرمين الشريفين منذ زيارته للأحياء الفقيرة وأخيرا قراره برصد ملايين الريالات سنويا لبرامج محاربة الفقر والتصدي له، حتى ينعم هؤلاء المواطنون بالمزيد من الرفاهية والحياة الكريمة. إن التنظيم السياسي الذي نراه اليوم هو نواة لما زرعه خادم الحرمين الشريفين، الذي ينعم به جميع المواطنين في ظل حكمه بمزايا جمّة، فمن لا يحب الملك عبد الله ويرى الخير والاستبشار في وجهه والحسم في قراراته في خدمة ديننا ووطننا! إذاً إقرار هيئة البيعة يعتبر حدثا تاريخيا ومنعطفا جديدا في تاريخ المملكة يهدف إلى تعيين من هو أفضل لولاية العهد من أبناء الملك عبد العزيز، من حيث تحمل المسؤولية والقدرة على القيادة واتخاذ القرارات المهمة في ظل الظروف المتغيرة، وأن تكون ردة فعل المواطنين المتوقعة على ترشيحه إيجابية حتى يسود رضا المواطنين الذين يهمهم شأن ولي العهد المقبل، وهذا مقياس حقيقي يؤخذ في الحسبان تعبيرا عن تقبلهم له من خلال إنجازاته وحسن أدائه. إن هيئة البيعة سيكون لديها معايير ومقاييس يتم تطبيقها لترشيح ولي العهد المقبل، ما يجعل عملية الترشيح أكثر احترافية وتأهيلا، ما يزيد من التماسك بين أبناء العائلة، ويجعل نهاية لأي خلافات مؤقتة عندما يكون قرار تلك اللجنة حاسما وموافقا عليه من الملك. (انظر إلى المادة الثالثة، التي تعني كل شيء وتحدد الثوابت والأهداف التي لا يمكن لتلك الهيئة أن تتنازل عنها في أي حالة من الحالات. تلتزم الهيئة بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، والمحافظة على كيان الدولة، وعلى وحدة الأسرة المالكة وتعاونها، وعدم تفرقها، وعلى الوحدة الوطنية، ومصالح الشعب. فنحن نتفق مع ذلك، فما نحن إلا جزء وامتداد لهذه الأسرة الكريمة أجدادا وأبناء، فبقاؤهم أمر حتمي تحت كل الظروف، ومن يفهم علم السياسة وما يجري من حولنا من أحداث سيقدر ذلك، فطالما ارتبط بها شعار الأمن والاستقرار وتحقيق المزيد من الرخاء والرفاهية الذي يخدم مصالحنا في كل حالة من الحالات، بعد أن أسس ووحّد أطراف هذه المملكة الملك عبد العزيز، الذي نقلنا إلى عصر العلم والرخاء والتآلف، ومازلنا ننعم بذلك في عهد ولاية أبنائه الذين يبحثون عما هو أفضل لهذا الوطن الغالي على الجميع، فلم تعد السعودية البلدة الصغيرة، بل أصبحت دولة عضوا عالميا في معظم المنظمات والهيئات العالمية، ما يعطي قرارنا السياسي سواء على المستويين المحلي أو العالمي أكثر أهمية وأصداء لا بد أن نحسب لها حسابات دقيقة تمكننا من التصدي لكل من يحاول زعزعة أمن هذا الوطن واستقراره. كاتب اقتصادي وإقليمي