عجلوا بإصلاح التعليم

Abstract

هناك قضايا ساخنة تشغل العالم في الوقت الحاضر وينظر للتعليم على أنه أكثر المواضيع سخونة باعتبار أننا نعيش تباشير حضارة قوامها العلم والمعرفة والإنتاج الفكري والثقافي، فأمريكا مشغولة بإصلاح نظامها التعليمي وهي الدولة العظمى لأنها بدأت تشعر بحمى المنافسة العلمية والتقنية من دول أصغر منها وأقل منها في الموارد والإمكانات، ولكنها أرقى منها في التعليم الأساسي، فالسر في تطور دولة صغيرة مثل سنغافورة التي استطاعت بكل جدارة وفي عقود بسيطة من الزمن أن تلحق بالدول المتقدمة هو تفوق طلابها في الحساب والعلوم. وعندما تتفوق جزيرة صغيرة مثل تايوان على جارتها الأم وهي الصين فإن السر في ذلك هو في مدارسها التي باتت مصانع للعقول المفكرة والأيادي الماهرة والهمم العالية. ولو انتقلنا من آسيا إلى أوروبا فسنجد أن الدول الأكثر رقيا والأفضل تطورا ونجاحا هي الدول الاسكندنافية مثل السويد، النرويج، وفنلندا، وأيضا يأتي التعليم وراء هذا النجاح وهذا التفوق مقارنة بدول عريقة مثل فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، وبريطانيا، ولكن التعليم الذي ينتج العقول المبدعة لا يعترف بالتاريخ ولا يعير اهتماما بكبر الدولة أو صغرها ولا لون أو دين شعبها. وعندما وجدت أمريكا نفسها أن تراجعها في ميدان التعليم قد يفقدها حتى تفوقها العسكري والاقتصادي نجدها سارعت لتعيد هيكلة نظامها التعليمي وباشرت السلطات المحلية والفيدرالية بشقيها التنفيذي والتشريعي إلى سن الأنظمة والقوانين وتخصيص الموارد لتطوير مكونات بيئتها التعليمية وساندتها في ذلك الشركات الأمريكية العملاقة مثل مايكروسوفت، دل، وآي بي إم وغيرها من الشركات, حتى إن مؤسسة بيل جيت الخيرية وجهت معظم نفقاتها في داخل أمريكا إلى ميدان التعليم. ولإعطاء موضوع إصلاح التعليم دفعة قوية أعلن الرئيس بوش الأب أثناء حملته الانتخابية أنه سيكون رئيس التعليم. فهذا الاهتمام العالمي بالتعليم وهذا الانشغال المنصب على إصلاح الأمور التعليمية في الدول المتقدمة وهي متقدمة لا يبرر لنا هذا البطء وهذا التردد في إصلاح مدارسنا وتطوير مناهجها وتحسين بيئتها التعليمية. لماذا كلما أثير موضوع إصلاح التعليم في المملكة خرجت أصوات هنا وهناك تشكك في النوايا التي من وراء هذا الإصلاح وكأننا الوحيدون في العالم الذين يريدون إصلاح تعليمهم، وبالتالي ينتاب البعض الاعتقاد أن العملية كلها مدبرة وأن المقصود بها هو تخريب....