الطبقة الوسطى المنسية
التاريخ
2006-09-20التاريخ الهجرى
14270827المؤلف
الخلاصة
منذ أن أطلق برنامج مكافحة الفقر في المملكة كان من الطبيعي أن يكون المستهدف الأول لهذا البرنامج الطبقة الفقيرة أو المعدمة, وهو استهداف مستحق لكون هذه الطبقة تعاني فعلا حالة فقر توجب التفاتة من الدولة والمجتمع, وهو ما اهتم به خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وأكده منذ جولته الشهيرة لمسؤول في حجمه على أحياء الفقراء في مدينة الرياض, وهي خطوة غير مسبوقة أدت إلى إنشاء هذا البرنامج الإنساني التكافلي. وهذا يفتح الباب لمناقشة حالات الفقر في بلادنا على اختلاف مستوياته من منطلق توجه الدولة الدائم للوقوف مع المواطن والعمل على أن توفر له سبل الحياة الكريمة واللائقة. إذا كنا نتفق على أن الطبقة الفقيرة هي التي لها الأولوية في هذه المعالجة للفقر, إلا أن علينا ألا نغفل أن هناك طبقة أخرى تستحق هي أيضا أن يلتفت إليها بالقدر والاهتمام نفسه, وأعني بها الطبقة الوسطى. فهناك شريحة كبيرة من هذه الطبقة تعاني حالات عوز وعجز حتى لا نقول فقرا, الذي هو نسبي كما نعلم, والفرق هنا هو أن حالات فقر الطبقة الفقيرة ظاهرة وجلية, بينما حالات العوز لدى الطبقة الوسطى خفية وغير ظاهرة, ولكنها موجودة, وهنا مكمن مشكلة هذه الطبقة. فوضعها الاجتماعي وتصنيفها يحملانها أعباء معيشية مكلفة قياسا بدخولها القاصرة عن قدرة تحمل الإبقاء بها بالقدر الكافي والمتوازي مع حجم متطلباتها المعيشية. وما يزيد معاناتها المعيشية عدم وجود أي برامج تمويل يمكن أن تسهم بمساعدة دخولها المحدودة في تأمين متطلبات أساسية مكلفة لا تستطيع دخولها على تأمينها غير منح الأراضي التي يطول انتظارها وتمنح في مناطق خارج النطاق العمراني وقروض صندوق التنمية التي باتت كحلم العنقاء. نعم, قد لا تكون معاناة الطبقة الوسطى بهذه الهوة التي عليها معاناة الطبقة الفقيرة, وأنه ليست هناك أوجه مقارنة بين وضعهما المعيشي. وهذا صحيح من ناحية ولكنه غير دقيق من ناحية أخرى, فالطبقة الوسطى لا تعاني شحا في الدخل كما هو حال الطبقة الفقيرة, إلا أن ظروف معاناتها مختلفة من حيث عدم قدرة دخولها على تأمين كثير من احتياجاتها, وبعضها أساسي, وما يعقد ويصعب ظروفها المعيشية قياسا بوضعها الاجتماعي أنها مطالبة بالتزامات كثيرة سواء من قبل أفراد أسرها: الأولاد, الزوجات, والأقرباء أسريا, أو من بيئتها العائلية والاجتماعية وهو ما يجعلها تتحمل أعباء لا تستطيع القيام بها ماديا. وليس خافيا القول إن أعباءها الأساسية تتمثل في عدم القدرة على تأمين السكن بسبب ارتفاع أسعاره بما يفوق قدرة دخولها المستهلكة للمعيشة اليومية, مرورا بتكاليف العلاج الباهظة في المشافي الخاصة أمام تعقد العلاج في المشافي الحكومية وانتهاء بمصروفات التعليم الخاص الذي تضطر إليه صعوبة الحصول لأبنائها على مقاعد في الجامعات والكليات الحكومية, إلى جانب متطلبات الحياة الأخرى. إن أهمية لفت النظر لوضع حال الطبقة الوسطى يعود لكونها تمثل الشريحة السكانية الكبرى ويحتل أفرادها الهيكل الأساسي في وظائف القطاع الحكومي العسكري والمدني في شتى مرافق الدولة. ومعظمهم يمثلون الطبقة المتعلمة والمؤهلة وهو ما يفرض عليها أن تعيش في مستوى يوازي ذلك. ليس المطلوب في معالجة حالة عوز الطبقة الوسطى تطبيق الإجراءات ذاتها على الطبقة الفقيرة, فأفراد تلك الطبقة يحتاجون إلى برامج تمويل متعددة تمكنهم من الإيفاء بكثير من متطلباتهم الأساسية والجوهرية وعلى رأسها السكن, خصوصا أنهم يمتلكون دخلا يمكن لهم من خلاله أن يقوموا بالتسديد, كما هو حادث مع صندوق التنمية. فهذه الشريحة تتطلع إلى أن تجد برامج شبيهة بما هو متوافر للعاملين في مؤسسات تابعة للدولة كـ أرامكو, وسابك, السعودية. ما نأمله هو ألا تنسى الطبقة الوسطى المهمة والكبيرة في التركيبة السكانية, وأن يتلفت إليها ضمن برنامج مكافحة الفقر وإن كان بوسائل أخرى تضمن لها الحياة الكريمة والسعيدة بما يتوافق مع وضعهم الاجتماعي ومكونها الأساسي لأجهزة الدولة.
المصدر-الناشر
صحيفة الاقتصاديةرقم التسجيلة
634966النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
4727المؤلف
نواف مشعل السبهانتاريخ النشر
20060920الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية