تثبيت منسوبي محو الأمية والإصلاح المسؤول

Abstract

تثبيت منسوبي محو الأمية والإصلاح المسؤولكلمة الاقتصادية حقق الأمر الملكي الكريم الذي صدر أمس الأول، واقتضى شمول جميع العاملين والعاملات ببرامج محو الأمية المسائي بالتثبيت.. أسوة بغيرهم من العاملين على البنود الأخرى، مفهوم الرعاية الملكية بكل أبعادها سواء من حيث سرعة الاستجابة أو من حيث معالجة أوضاع العاملين والعاملات على هذا البند. والذي يتأمل صياغة الأمر الملكي الكريم يجد أنه أشار بوضوح إلى مسألة (ألا يُضار مَن تم توظيفه بآليات لم تراع الدقة في إنفاذ الأنظمة) بمعنى أنه جاء ليعالج بعض الأخطاء التنفيذية من قبل المؤسسات التعليمية التي استخدمت هذا البند لسد العجز في مدارس محو الأمية وتعليم الكبار منذ فترة طويلة وقبل توحيد جهازي وزارة المعارف وتعليم البنات في وزارة التربية والتعليم، وهو إجراء يُفترض أنه كان إجراء آنيا، لكنه امتد وترسخ كنظام خارج النظام على مر السنوات. الأمر الملكي الكريم ورغم خروج هذا البند عن نصوص النظام الأصيل، لم يشأ أن يتحمل العاملون والعاملات على هذا البند وزر هذا الخطأ التنفيذي، وعدم وجود أرضية نظامية تبرر بقاءه طيلة هذه السنوات، فجاء لينحاز إلى العاملين على هذا البند ليشملهم بقرارات التثبيت، تحقيقا للرعاية الملكية التي تجلت بكامل أبعادها في منظومة طويلة من الأوامر الملكية الكريمة التي شملت كل مناحي الحياة، وامتدت إلى مختلف شرائح المجتمع دون استثناء.. وهذه المعالجة الأبوية التي أنصفت العاملين تحت غطاء هذا البند حماية لهم من الضير حتى مع عدم وجود مبرر نظامي يضفي أي نوع من الشرعية النظامية على عملهم في هذه المدارس من خلال بند مؤقت تم اختراعه كحل مؤقت في فترة ما.. أكدت إصرار القيادة الحكيمة على تحمل الأخطاء التنفيذية، وشمول هؤلاء بقرار التثبيت، ومن ثم إيقاف أساليب التعاقد والتكليف مستقبلا على هذه البنود المؤقتة، والاستعانة بالمعلمين والمعلمات الرسميين لسد حاجة هذه القطاعات وفق مقتضيات الأنظمة التي تضمن حقوق الطرفين، ولو حدث مثل هذا الأمر في أي مكان آخر من العالم لكانت المعالجة صرف العاملين على هذا البند وتعطيل العمل به لعدم وجود سند نظامي يعطي العاملين عليه حق التثبيت أو أي حق آخر.. لأنه إجراء تم في الأساس بعيدا عن مقتضيات النظام التي توفر مكافأة إضافية تصرف للمعلم أو المعلمة الذين يقومون على تغطية مدارس محو الأمية، بعيدا عن التعاقد أو التكليف من خارج الجسم الوظيفي التعليمي.. لكن الرعاية الملكية الكريمة التي شكلت العنوان الأبرز في كل قرارات خادم الحرمين الشريفين، يحفظه الله، والتي تمس حياة المواطن.. لم تشأ أن تضع هذه الشريحة ضمن مأزق عدم الدقة في تنفيذ الأنظمة.. فتحملت مسؤولياتها ليأتي هذا الأمر الملكي الكريم بلفتة إنسانية باهرة، لم تعد بدعا من الفعل في سياسات معالجة الأوضاع القائمة لتدعم تثبيتهم، على أن يتموا أنصبتهم في مدارس التعليم العام الصباحية. وهذا الأسلوب الفريد في المعالجة الذي أسس له هذا القرار يعكس بكل جلاء كيف تميل القيادة لمصلحة المواطن بقطع النظر عن أي مبرر مهما كان، انطلاقا من حرصها الأكيد على حماية مستقبل هؤلاء العاملين والعاملات.. ثم لإيمانها العميق بأن المعالجة التي لا تضمن هذا الحق لن تحقق مبدأ الرعاية الملكية التي دأب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، على ترسيخها في مختلف قراراته وخطواته الإصلاحية.. ولم تتوقف يوما دون رفع الضير عن أي شريحة اجتماعية حتى وإن كان مصدر هذا الضير خارج إطار النظام، وهذه هي الميزة الاستثنائية في هذا القرار بالذات، الذي وجد الطريق لحماية منسوبي هذا البند وتأمين مستقبلهم دون أن يلجأ إلى تعطيل المركبة بمن فيها بذريعة مخالفتها النظام، لأنه يدرك أن مَن لجأ إلى هذه الوظائف المؤقتة لم يفعل ذلك من منطلق خياراته، وإنما لعدم توافر البديل.. حقا أنها الصيغة التي تحمل في مضامينها أجمل مفهوم للإصلاح الحكيم والمسؤول!