اجماع دولي على تبني الحوار واستدامته
الخلاصة
بمبادرة من خادم الحرمين الشريفين شهد العالم انعقاد المؤتمر الدولي لحوار الأديان في العاصمة الإسبانية مدريد، كسابقة حضارية وثقافية تحسب للملك عبد الله أحسن لها اختيار المكان والزمان وطرح من خلاله رؤيته حول ضرورة تقارب الشعوب والأمم والتركيز على المشترك الإنساني وتحري نقاط الالتقاء من أجل جعل العالم أكثر سلماً وأمناً ورخاء، خصوصا وقد أصبح عالم اليوم قرية، وبالتالي باتت الحاجة ماسة نحو بناء بيئة إيجابية تتفاعل مع المبادرات الطيبة وتثمر فيها منهجية الإعلان عن النوايا الصادقة والخيرة.. إذ لم تعد المسألة دينية أو سياسية بل تسمو على المصالح والمكاسب الذاتية إلى مصلحة الإنسان بدوره الواعي في نصرة الحياة الكريمة لكل فرد بغض النظر عن دينه، جنسيته، هويته، عرقه، أو انتمائه. لقد افتتح الملك المؤتمر مستشهداً بقول الحق تبارك وتعالى: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم، موضحاً أنه يحمل رسالة من مهبط الوحي تؤكد أن الإسلام دين الاعتدال والوسطية، وأن الأديان التي أختارها الله لإسعاد البشر يجب أن تكون كذلك، وأنه قد حان الوقت لكي يصحح أتباع الأديان والثقافات الأخرى ما لديهم من مفاهيم ومعلومات خاطئة حول الإسلام الذي يعتبر البشر جميعاً متساوين في القيمة الإنسانية وهي الحقيقة التي ظلت تؤكدها الكتب السماوية وقيم الحضارة بجوهرها الروحي، فالبشرية اليوم رغم تقدمها العلمي التقني تكابد الحروب والنزاعات العنصرية وانتشار الجريمة والأوبئة الخطيرة والمخدرات جراء هذا الفراغ الروحي والبعد عن التزام منهج الخير والاعتدال، وقد خسرت بسبب التطرف والتمييز والعصبيات الكثير، وأنه لا سبيل إلى الوئام سوى الإيمان بأن التنوع والاختلاف في الأديان ليس سبباً للخلاف والفرقة بل أن تكون مجالاً رحباَ لفهم البشر بعضهم بعضا. خادم الحرمين يهيب بالجميع أن تكون الأخوة مكان العداء، السلم مكان الحرب، الصداقة مكان البغضاء، وأن يكون هذا المؤتمر انطلاقة نحو حوار فعال يستهدف تحقيق منجزات معنوية تعلي من شأن الألفة والتواصل والتعاون واستثمار كل الفرص لإصلاح شأن الإنسانية في المعمورة كلها.. وهو ما تطرقت إليه كلمات الملك خوان كارلوس في إشارته إلى أهمية أن يكون العمل المشترك هادفاً للقضاء للأبد على الإرهاب، الجوع، الفقر، وأن يسهم الإنسان بأفضل ما لديه من عمل لإحلال السلم محل الصراع وإشاعة الخير محل الشر. وهو الموقف ذاته الذي عزز اتجاهه أمين عام رابطة العالم الإسلامي من خلال حرص الرابطة على أن تكون أولويتها التواصل مع الأقليات الإسلامية في العالم حيث عملت على مدى عقود على جعل تلك الأقليات بعيدة عن الصراعات السياسية محافظة على كيانها ووحدتها ودورها وإسهامها الإيجابي في المجتمع الذي نعيش فيه بالتنسيق مع الهيئات والمنظمات واختيار منهج الوسطية والاعتدال. الشرائع السماوية ربانية لا يناقض بعضها بعضاً، وقد شاءت سنة الله في الخلق أن تتعدد. لكن أيا منها لم يحث على الكراهية أو الازدراء أو الإضرار بالآخرين، بل كانت تلك الخصال محاربة ووقفت ضدها.. هذا يعني أن الأديان توجب اتفاق أصحابها ومعالجة همومهم المشتركة والإعلاء من القيم النبيلة ونداء الروح وتصعيد الغايات نحو الخير وتعزيز توجه البشر للعمل الإنساني، وأن الحوار هو أفضل الوسائل وأداة العقل والفكر السليم للحياة الإنسانية الكريمة بعيدا عن استدراج صراعات التاريخ ونبش أحداث الماضي ونكء جراحه، بل إن هذا المؤتمر وضع في أساس الاعتبار أن يكون حوارا منفتحا على المزايا والإطار الجامع والقواسم المشتركة وعوامل الوحدة، وأن يصل المتحاورون إلى أن يبقى الإنسان محورها وغايتها.
المصدر-الناشر
صحيفة الاقتصاديةرقم التسجيلة
662125النوع
افتتاحيةرقم الاصدار - العدد
5393الموضوعات
التعددية الدينيةالسعودية - العلاقات الخارجية
السعودية - العلاقات الخارجية - مؤتمرات
حوار الأديان
الهيئات
رابطة العالم الاسلامىتاريخ النشر
20080717الدول - الاماكن
اسبانياالسعودية
العالم الاسلامي
الرياض - السعودية
مدريد - اسبانيا