الحلم الخليجي

Abstract

الحلم الخليجي عندما نتأمل في ثورة النهوض الشامل التي حققتها دول مجلس التعاون الخليجي بالتزامن مع تأسيس المجلس قبل أكثر من ثلاثة عقود سندرك لأول وهلة أن تلك الثورة بكل إنجازاتها ونتائجها التي شملت كافة المجالات لم تتعدَّ التوقعات وحسب وإنما تجاوزت الأحلام من خلال قفزة تنموية هائلة اختصرت فيها المسافات والأزمنة بشكل غير مسبوق في تاريخ الأمم والشعوب. لاشك أن ما تحقق من إنجازات ومكتسبات ومشروعات ضخمة لدول المجلس، وما تحقق من رخاء وازدهار ورفاه في غضون ذلك لمواطنيها إنما جاء نتيجة طبيعية لحالة الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية التي شكلت في مجموعها البيئة الحاضنة للبناء التنموي والحضاري الذي ظل يعلو بشكل مطرد دون توقف، بالرغم مما شهدته المنطقة من اندلاع حروب وفتن ومؤامرات وثورات لم تتوقف طيلة تلك الفترة، حيث نجحت دول المجلس في تخطي مخاطرها وتجنب الانزلاق في مستنقعاتها من خلال السياسة الحكيمة لقادتها ومن خلال ما وفرته تلك الدول لشعوبها من عوامل ومقومات العيش الحر الكريم والعمل على تحقيق مطالبها في التعليم المتميز وتوفير فرص العمل، والخدمات الاجتماعية، والرعاية الصحية وغير ذلك من الخدمات. كان لابد وأن يثير هذا الوضع المتميز الذي حققته دول المجلس بالتوازي مع المكانة البارزة التي أضحت تحتلها على الخريطة السياسية والاقتصادية لعالم ما بعد القرن العشرين حفيظة بعض القوى الإقليمية مثل إيران التي لا تناصب فقط المملكة وشقيقاتها الخليجيات العداء وإنما تتحدى المجتمع الدولي بأسره سواء ببرنامجها النووي الغامض أوبتهديداتها بإغلاق مضيق هرمز، ومناوراتها البرية والبحرية المتكررة بالقرب منه، وتجاربها للصواريخ الباليستية المثيرة أيضًا للشكوك، إضافة إلى محاولاتها لتهديد وابتزاز دول المنطقة. لاشك أن إنجازاتنا ووحدتنا الوطنية وحماية ترابنا الوطني ومستقبل أجيالنا في حاجة إلى درع متين نواجه به قوى الشر من الحسّاد والحاقدين والطامعين، هذا الدرع هو الاتحاد الخليجي الذي يعتبر الآن مشروعنا الأكبر نحو المستقبل الآمن والذي بدأ أمس انطلاقته المباركة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز- حفظه الله- وأشقائه قادة دول مجلس التعاون، ليرسم آفاق حلم جديد لا يستعصي على حكمة قادة المجلس ولا على إرادة شعوبها.