في سبيل السلام

Abstract

على غير موعد، وخلافاً لما جرت عليه العادة في هذه الديار، قامت والدة رشا بزيارتنا هذا الصباح، مصحوبة بزوجها وابنتهما رشا، وعلىوجوههم ابتسامة تزيل التساؤل عن مبرر هذه الزيارة المفاجئة في ساعات الصباح الباكر، فاليوم يوم أحد، يوم عطلة، يأخذ الاسبان فيه وقتهمبغرف النوم، ويستبدلون وجبة الفطور بما يسمى البرانش اي الجمع بين وجبتي الفطور والغداء، واننا بحكم الجوار قد استسغنا هذه العادةفجاريناهم بها ولو من باب: من وفر فطوره لغداه لم تشمت به عداه.ولابد ان الشقية رشا تعرف ان برانش الاحد في بيتنا يضم العديد من مقبلات المشرق العربي ومن بينها طبق الفول المدمس، وكما نقلترشا لوالديها بأن الفول عندنا يدمس في البيت، وبالتالي فهو مختلف عن الفول المدمس المعلب، وان الخلطة الفاتحة للشهية التي تتكتم امالبنين عن تركيبتها تعطي لطبق الفول طعماً مميزاً من شأنه ان يغفر لضيوف الصباح مثل هذه الزيارة المفاجئة.وبعد تبادل عبارات الترحيب، والسؤال عن الحال والاحوال ونحن نرشف فناجين القهوة العربية المشبعة بالهيل، تطرقت ام رشا الى التحركالسياسي الذي يقوم به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والزيارات الاخيرة التي بدأت بلندن وتليها روما وحاضرة الفاتيكانبعد توقف في جنيف خلال عطلة نهاية الاسبوع.ذكرت لنا بأنها تابعت هذا التحرك على شاشة التلفزيون وقرأت ما تناقلته الصحف العالمية عن صدى هذا التحرك في وقت يجري العملفيه على دفع المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية والتهيئة لمؤتمر الخريف في الولايات المتحدة الامريكية الذي دعا اليه الرئيس بوش وتجاوبتمع دعوته كل من الحكومة الاسرائيلية والسلطة الفلسطينية، وانها لم تستغرب ابدا حملة الطرف المشاغب التي تحاول النيل من سمعةحكام المملكة، فالعالم كله يعرف ان هذا الشبل من ذاك الاسد، ومواقف المغفور له الملك عبدالعزيز مع الرئيسين روزفلت وقت مطالبة اليهودبفلسطين وطناً قومياً لهم ومن ترومان وقت الاعداد لقيام دولة اسرائيل لا تزال على صلابتها ووضوحها، تظهر جلية وصادقة في مواقفابنائه الذين تولوا عرش المملكة من بعده، فلا تفريط بحقوق الفلسطينيين، وان اهل فلسطين هم اصحاب الكلمة الاولى والاخيرة، وان المملكةمعهم في المطالبة بدولة فلسطينية وبتطبيق الشرعية الدولية لتحقيق سلام شامل ودائم يطفئ لهيب صراع بين الحق والباطل قارب المائةعام.وأخذ والد رشا الحديث فقال ان اي اتفاق بين الفريقين الفلسطيني والاسرائيلي لا يأخذ بالاعتبار الرماد المتخلف عن اللهيب لن يكون حلاًدائماً، استفسرت رشا من والدها عما يقصده بكلمة الرماد فأجابها القدس الفلسطينية وحق العودة.عادت والدة رشا لتأخذ دورها في الحوار فقالت بأنها لم تكن لتصدق بأن خادم الحرمين الشريفين سيقوم بأول زيارة لملك سعودي الى الفاتيكانحتى سمعت ذلك من تلفزيون المملكة العربية السعودية وهو ينقل وقائع زيارة الملك عبدالله الى لندن. واضافت القول بأن هذه الزيارة - فيتقديرها - تؤكد على سماحة الاسلام وشموليته. كما انها تعبر عن حرص القائم بها على كلمة سواء تجمع بين المؤمنين بالله لتكون كلمةالحق هي العليا، ومن اجل ان تسود المحبة والوئام بين بني البشر في زمن عم فيه البلاء العديد من بلدان العالم.واضافت والدة رشا القول بأنتحرك خادم الحرمين الشريفين الاخير يعيد لذاكرتها مواقف خالدة في تاريخ مدينة القدس حيث ضمن الخليفة المسلم عمر بن الخطاب لمسيحييبيت المقدس حقهم في المواطنة وفي ممارسة شعائر دينهم، وحيث حرر القائد المسلم صلاح الدين الايوبي بيت المقدس من محتليه ليعيدمدينة السلام الى اهلها، يعبدون الله كل حسب ديانته، تجمعهم روح الاخوة في الوطن والايمان بالله، وهاهو اليوم خادم الحرمين الشريفينيجتمع مع رأس الكنيسة المسيحية ليزيل ما شاب علاقات الفاتيكان مع العالم الاسلامي من شوائب، وليعملا معاً على اعادة بيت المقدسمدينة للسلام والمحبة والاخاء. وانهت الحديث بقولها انها وزوجها قررا زيارتنا هذا الصباح بدون موعد سابق لينقلا الينا تقديرهما واكبارهما لخادمالحرمين الشريفين، آملين من البابا ان يغتنم زيارة خادم الحرمين الشريفين له في مقره فيشد على يد الملك عبدالله من اجل رسالة السلام التيحملها المخلص ومن اجل اعادة الابتسامة الى اهالي مدينة السلام، ففي عودة الابتسامة الى اهالي القدس عودة للامن وللامان، شكرتهم علىمشاعرهم النبيلة، ودعوت معهم بتحقيق الآمال.مدريد في 5 نوفمبر 2007سفير متقاعد