حوار الأديان والعلاقات الإسلامية المسيحية

Abstract

د. رضوان السيد حوار الأديان والعلاقات الإسلامية المسيحية د. رضوان السيد كثيراً ما تفاجأنا خلال السنوات الأخيرة بأحداثٍ ضدّ المسيحيين في العالم العربي، وبخاصةٍ في العراق ومصر. وقد كنا طوال العقود الماضية نُعلِّلُ أنفُسَنا بأنّ الهجرة المسيحية من فلسطين، إنما حدثت وتحدُث بضغوط إسرائيل وعدم إيمانها بالتنوع الديني والثقافي، وإرادتها إلغاء الفلسطيني والعربي والمسيحي والمسلم. لكننا لا نستطيع اعتبار إسرائيل مسؤولةً عن التجاوزات ضد المسيحيين في البلدان العربية الأُخرى. والواقعُ أنّ «المسألة المسيحية» في البلاد العربية صارت تتجاوزُ العراق ومصر، لأنها تتعلق ببلدانٍ، المسيحيون فيها أصيلون، وكانت نسبتُهم كبيرةً بين سكّانها، كما كان يسودُ عيشٌ مشتركٌ بين المواطنين في بلدان المشرق العربي بغضّ النظر عن أديانهم. واليهودُ لا يُقارَنون بالمسيحيين في البلاد العربية من حيث العدد أو الدور، لكنّ هجرتَهم لها أسبابٌ سياسيةٌ تمثلّت في قيام دولة إسرائيل، وما ترتّب على ذلك من توتُّراتٍ بعضُها شعبي وبعضُها سياسي، وبعضُها ناجمٌ عن إغراء الكيان الصهيوني ليهود البلاد العربية بالهجرة إلى الدولة العبرية الجديدة. ولا تتوافرُ مسائلُ كهذه لدى المسيحيين العرب الذين كانوا طلائع في بَعْث الثقافة العربية الحديثة، والتيارات القومية، والمشاركة مع مُواطنيهم المسلمين في مكافحة الاستعمار. ومع ذلك؛ فإنه ومنذ النصف الثاني من القرن العشرين، تتضاءل أدوارهُم السياسية والثقافية، وتستشري الهجرةُ في صفوفهم. صحيحٌ أنّ الأوضاع تتفاوتُ بين الدول العربية بهذا الشأن؛ فالمسيحيون اللبنانيون أفضلُ حالاً من حيث المشاركة السياسية والدور الاقتصادي؛ لكنّ الهجرة تتفاقمُ بينهم مثلما يحدث في البلدان العربية الأُخرى. على أنّ العلاقات بين المسلمين والمسيحيين، بين الشرق والغرب، في العقدين الأخيرين ليست على ما يُرام أيضاً. فهناك مشكلات الجاليات العربية والإسلامية في أوروبا، وهناك ملفّ «الإرهاب الإسلامي» الذي تُشَنُّ عليه حربٌ عالميةٌ منذ حوالي عقد من الزمن. وهناك أخيراً التنظيرات الأُصولية للعلائق مع المسيحيين، والتي تُحيلُ على الحروب الصليبية، ولا تُفرّقُ بين العلماني والمؤمن بالمسيحية. وقد كان هناك مَنْ قال إنّ المشكلات إنما هي مع بعض المسلمين، وليس مع الإسلام. لكنّ مواقف الفاتيكان تقلّبتْ من رفضٍ للحجاب فسُكوتٍ عنه، وإلى رفضٍ....