يا هيئة الفساد : لماذا مشاريعنا أغلى ؟
التاريخ
2012-02-20التاريخ الهجرى
14330328المؤلف
الخلاصة
يا هيئة الفساد: لماذا مشاريعنا أغلى؟إدريس الدريسلنفترض جدلاً أنه تم توزيع استبانة على أكبر عدد ممكن من المواطنين وتم استفتاؤهم عن رأيهم أولاً في نسبة انتشار الفساد في القطاعات الحكومية بين درجة المنخفض أو المرتفع أو المرتفع جداً، واستطلاع آخر عن حجم ثقتهم في المبالغ المعتمده لبعض المشاريع الحكومية وهل هي أرقام منطقيه؟! أو غير منطقية؟ لو افترضنا أن ذلك حدث فعلاً فإنني أكاد أجزم بأن رأي الأغلبية من المواطنين سيقر بأن الفسـاد في الأجهـزة الحكومية وبخاصة الخدمية منها منتشر وبنسبة مرتفعة.. فيما سيرى قلة منهم أن نسبة انتشاره مرتفعة جدا. وبالمقابل فإن رأي الأغلبية أيضاً سيعبر عن عدم ثقة المواطن في معظم الأرقام والمبالغ المالية المعتمدة للمشاريع الحكومية حيث يرى أنها لا تتسم بالمنطقية بما يعني أن المواطن يشعر بحالة عميقة من الإحباط نتيجة ما يراه من تغلغل متراكم للمحسوبية والرشوة والاختلاس في بعض قطاعات الدولة مما نتج عنه سوء في تنفيذ بعض المشاريع التي رصدت لها مبالغ مالية باهظة تكشفت عوراتها وفشلت في أول اختبار حقيقي. وعليه فإن من المنطقي جداً أن تقوم هيئة مكافحة الفساد وهي ما زالت تتلمس خطواتها وتتنكب المصاعب في طريق الفساد الشائك بإجراء قراءة علمية لرأي الناس من خلال استبانة مدروسة وعلمية لرأي المواطن في هذه الجزئية وأعني الفساد ثم عليها أن تدرس أميز الاقتراحات والوسائل للحد من الفساد قبل التفكير في القضاء عليه الذي يعتبر هدفاً بعيد المنال في المستقبل المنظور. وليس بخاف على القارئ الكريم ولا هيئة مكافحة الفساد ما ينشر في بعض المواقع الإلكترونية من مقارنات ومقاربات بين تكاليف لمشاريع محلية وأخرى مماثلة لها خليجيا أو دولياً وكيف أن المقارنات توضح الفارق الرقمي الكبير بين التكاليف الضخمة لمشاريعنا والتكاليف الأقل لمثلها في الدول المجاورة والبعيدة، لكن تظل هذه المقارنات نهباً للتصديق والتكذيب وربما المبالغة، فهناك من يقول إن تكاليف مطار واق الواق أقل من تكاليف مثيله في إحدى المدن السعودية. وآخر يجزم بأن تكاليف ملعب جوج وماجوج أرخص وأدنى من كلفة ملعبنا. وثالث يرى أن مصاريف إنشاء الشبكة الإلكترونية في إحدى وزارات عيني عينك تعتبر مجرد فراطة أو فكة مقارنة بمبالغ إنشاء شبكتنا الوزارية. ورابع يؤكد أن إنشاء مستشفى نون وما يعلمون أقل كثيراً من تكاليف إنشاء مستشفانا. وهناك خامس وسادس.. وصادق وكاذب.. ومخلص وحاقد.. ولست هنا في وارد المؤيد أو المعارض إنما الناقل وعلى هيئة مكافحة الفساد مسؤولية التحري وإعلان النتائج. إن نزع الثقة من القطاع العام في نفوس الناس جريمة في حق الوطن لا يقتص منها إلا بزرع الثقة مجدداً وإعادة غرسها في نفوس المواطنين الذين يطلعون على هذه المقارنات التي تجد هوى وقبولاً في نفوسهم وتكتسب صدقية لا يداخلها الشك، والسبب هو عدم خروج مسؤولي أي قطاع بنفي ما يشيعه الناس ويتداولونه عن مشاريع وزارته، ومن هنا وجب على هيئة مكافحة الفساد أن تتثبت من صحة هذه المقارنات لهذه المشاريع وتمحص الحقيقة من مصادرها في الداخل والخارج ثم تعلن رأيها بالنفي أو الإثبات ثم عليها أن تبحث عن الجذر الفاسد الذي خلق هذا الفارق المالي الباهظ بين مشروعين متماثلين. لا بد من الاعتراف بأن ثقة المواطن مهزوزة في الأرقام والمبالغ التي ترصد للمشاريع وأن هذه المبالغ في ظنه تتسرب إلى بعض جيوب المنتفعين الفاسدين وأن ما يصرف من الباطن على المشاريع أقل كثيراً وكثيراً من المبالغ المعتمدة كما لا بد من الاعتراف بأن هذه الثقة لا يمكن أن تعود دون أن يكون هناك ضحايا يتم التشهير بهم وعقابهم على رؤوس الأشهاد وأن هذا لا يمكن له أن يتم قبل أن تبادر الهيئة العامة لمكافحة الفساد إلى ضرب الرؤوس الكبيرة من أولئك الذين رتعوا وتربعوا على عروش الفساد ليرتدع أولئك الصغار الذين ما زالوا مبتدئين يتلمسون ثدي الفساد. إن على هيئة مكافحة الفساد أن تبدأ خطة بناء الثقة من خلال تطبيق سياسة الضرب على المفسدين ابتداء من الأعلى نزولاً إلى الأدنى..ومن الأكبر إلى الأصغر.. ومن الأخطر إلى الخطر وأن تبادر إلى الإعلان عن ذلك وألا تخشى في ذلك لومة لائم، وكيف لها أن تخشى وهي تركن وتتكئ على دعم ودفع وإخلاص وعزيمة الملك الصالح عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله.
المصدر-الناشر
صحيفة الوطنرقم التسجيلة
696179النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
4161المؤلف
ادريس الدريستاريخ النشر
20120220الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية