المملكة من قيادة مبادرة الحل في الأزمة الصومالية إلى قيادة مبادرات الإنقاذ
الخلاصة
المملكة من قيادة مبادرة الحل في الأزمة الصومالية إلى قيادة مبادرات الإنقاذكلمة الاقتصادية ما يحدث في دول القرن الإفريقي، وتحديدا الصومال كارثة إنسانية بكل المقاييس، هذا البلد الذي مزقته الحرب الأهلية، وراحت تفتت أوصاله منذ تسعينيات القرن الماضي بعد سقوط نظام محمد سياد بري، ولا تزال حتى اليوم، لتنضم إلى ذلك موجة الجفاف التي ضربت تلك المنطقة في السنوات الأخيرة، وتعد الأسوأ منذ ما يزيد على 60 عاما، لتودي بحياة من لم تود به الحرب. والمملكة التي كانت أول من بادر لحل الأزمة الصومالية في مطلع اشتعال فتيلها، عندما جمعت الفرقاء في محاولة للوصول إلى صيغة حلّ يقي هذا البلد العربي المسلم ما وصل إليه من الدمار والقتل والانفلات، كانت تفعل ذلك من منطلق إيمانها بدورها في حماية السلم الأهلي في مختلف الأقطار الإسلامية، وجمع الكلمة ولم الشمل، لتوظف كل ثقلها العربي والإسلامي والدولي، لمنع الوصول إلى هذه الحال، لو لم تستسلم بعض أطراف النزاع هناك لمنطق العنف والاقتتال، ليغرق هذا البلد في دوامة من العنف، أوصلته في النهاية إلى ما هو عليه، ورغم كل ذلك .. فلم تكن المملكة لترفع يدها عن المساهمة في إيجاد الحلول التي تعيد لهذا الشعب المكلوم أبسط حقوقه في الاستقرار، إلا بعدما استنفدت كل المحاولات التي يمكن أن تجمع أطراف الصراع، وخاصة بعدما دخلت تلك الخلافات منعطفا دمويا، فكك مفاصل الدولة، وضرب إمكانية نجاح أي مبادرة من هذا النوع. وبهذا ظل الصومال طوال هذه المدة يراوح في أزمته المستعصية بين الحضور والغياب، تارة يحتل واجهة الأخبار بأحداثه الدامية، وأخرى يختفي خلف الأحداث التي تطرأ هنا أو هناك، دون أي جهد دولي حقيقي يمكن أن يعول عليه في إنقاذ هذا الشعب الذي تعايش مع الدم والموت والخراب بصورة لا سابقة لها. إلى أن جاءت موجة الجفاف.. لتكمل رسم تلك الصورة القاتمة، وليصبح المواطن الصومالي في مواجهة يومية مع الموت.. إما بسبب القصف المتبادل ما بين الفرقاء، وإما بسبب المجاعة، ونقص الغذاء والدواء، وهو ما دفع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - لأن يستعيد زمام المبادرة مجددا، لإنقاذ الصومال بتقديم 225 مليون ريال لمواجهة آثار المجاعة.. منها 187 مليون ريال لتأمين مواد غذائية للاجئين الصوماليين الفارين من نيران الحروب، إلى جانب 37.500 مليون لتأمين الأدوية واللقاحات لهذا الشعب الذي يتعرض أكثر من 12 مليون مواطن فيه إلى غائلة الموت.. بسبب الجوع والحرب الأهلية التي تدور رحاها على مدار الساعة منذ عقود مضت. تأتي هذه المبادرة الكريمة من ذات المنطلق الذي سعت من خلاله المملكة في بواكير قيام الحرب الأهلية، لتجنيب هذا البلد الوصول إلى ما وصل إليه في هذا المنزلق الكارثي، ولتثبت السلم بين الإخوة الصوماليين. إنها حينما دعت لمؤتمر حوار أطراف النزاع في مستهل الأزمة، وقبل أن تستفحل الضغائن والأحقاد والثأرات، كانت تريد أن تستبق الوصول إلى هذه النتيجة المزرية والمروعة، بحقن دماء الشعب الصومالي بالاتفاق على كلمة سواء، على اعتبار أنها الطريقة الوحيدة لحل النزاعات، وتقريب وجهات النظر، وهي عندما تتصدى اليوم لهذه المبادرة الإنسانية بدافع من واجبها الإسلامي في ظل الصمت الدولي، فهي تفعل ذلك من منطلقاتها الثابتة التي تدرك أن الدماء لا تقود إلا إلى مزيد منها، وأن الخلافات لا بد أن توصل في النهاية إلى مثل هذه النتيجة البشعة ما لم تجنح أطراف الخلاف إلى النزوع للحوار. وبالتأكيد كانت سعادة خادم الحرمين الشريفين ستكون أكبر لو أن هذه المساعدات قدمت للإخوة الصوماليين لأغراض مساعدتهم في مشاريع التنمية تحت غطاء دولة قادرة على تأمين لوازم الدولة الأساسية كالأمن والاستقرار، عوضا عن أن تقدم لهم على هيئة مساعدات إنقاذ إنسانية لمداواة جراحهم وإيقاف نزف الموت المجاني الذي لا يفرق بين كبير ولا صغير، ولا فئة دون أخرى.
المصدر-الناشر
صحيفة الاقتصاديةرقم التسجيلة
696196النوع
تقريررقم الاصدار - العدد
6498الموضوعات
الامن الغذائيالمعونة الاقتصادية السعودية
تاريخ النشر
20110727الدول - الاماكن
السعوديةالصومال
الرياض - السعودية
مقديشو - الصومال