عليك سلام الله حياً وميتاً
التاريخ
24-10-2011التاريخ الهجرى
14321126المؤلف
الخلاصة
عليك سلام الله حياً وميتاً د. حسن بن فهد الهويمل لم يكن من السهل على أم خبرت فقيدها سبعين عاماً أن تتحمل صدم الفراق، أن تصبر على فقده إلى يوم يبعثون ولكنه الإيمان بقضاء الله، والرضا بقدره، والتسليم لأمره، والخضوع لسنته التي لا تتبدل ولا تتحول، بها تسلو، ومنها تستمد الرضى والقبول، والأم المؤمن ترضى بقضاء الله، وتصبر على بلواه، وتحتسب الأجر عنده. وعزاء المفجوعين أن الموت نهاي كل حي: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَُ الْمَوْتِ}، {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ}، {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ . وفقد رجل بوزن (سلطان بن عبدالعزيز) حدث جلل، تتعطل معه لغ الكلام، وتتجمد الآمال على الشفاه، وهي تؤمل. فهو رجل استثنائي، اجتباه ربه، فوهبه من الأخلاق أحسنها، ومن السير الحميد أجلها، ومن السماح أجملها، فكان قريباً من القلوب، محبباً إلى النفوس، عاش حياته للوطن والمواطنين، يؤثر ولا يستأثر، ويطعم لوجه الله، ولا يريد جزاء ولا شكوراً. قف جهده، وسعى دهره لدروب الخير، وفي دروب الخير، يضمد الجراح الفاغر، ويواسي القلوب المكلوم، ويتوجع للمصابين المندفين، ورجل بهذه المسؤوليات وبتلك المهمات والاهتمامات والسمات جدير بأن تبكي عليه البواكي. لقد عاش حيا حافل بالمسؤوليات الجسام، والمهمات العظام، واكب ملوك البلاد -رحمهم الله-، منذ عهد المؤسس الملك (عبدالعزيز) إلى ملك المبادرات (عبدالله بن عبدالعزيز)، وخير الناس من نعوم أظفاره، بتودده وكرمه ودماث أخلاقه وسعيه في حاج الأرمل والمسكين، وحبه للخير، وتحمله لمعضلات المشاكل، واضطالعه بالملفات الساخن، ومهارته في تفكيكها وإعاد ترتيبها على الوجه الذي يرضي كل الأطراف، ويبث الثق بين كل الفرقاء. لقد كان (سلطان بن عبدالعزيز) دوح عز وارف الظلال، يفيء إليها الضاحون، ونبع ماء عذب تروده قوافل المضمين، ومستوع خبر يتزود منه العاملون، ومنار هداي يستضيء بها التائهون. وكيف لا يكون مثاب لهؤلاء وأمناً للئك، وهو قد ولد في بيت ملك عريق، وتربى على يد مؤسس عظيم، وعاصر ست ملوك راشدين، شاطرهم أعمالهم وقاسمهم معضلات مسؤولياتهم، ونهض بمهمات جسام حملوها إياه، وخاض معترك السياس العربي والعالمي، في جزرها ومدها، وصفوها وكدرها، وطاف العالم مؤتمراً مع المؤتمرين، ومدافعاً عن قضايا المقهورين، ومطالباً بحقوق المضطهدين، ومشيراً ومستشيـــراً، ومجادلاً ومحاوراً ومصـــــالحاً ومصلــحاً بـين الفرقاء.. إنـــه جامع عـلم في إنسـان وأم في رجل، وســجل حافل بأشرف المنجزات، وأعقد القضايا، وعلى مدى سبعين عاماً تقلب في عد مناصب مختلف المهام والأهميات، وما حل في موقع إلا شد الأنظار، وبهر الأفكار، وانتزع الأعجاب، وفرض الاحترام. ابتسامته تسبق عبوسه، وكلمته الطيب تسبق عزماته الصارم، ويده المبسوط بالعطاء تسبق كفه الآخذ بالحق. (تراه إذا ما جئته متهللاً كأنك تعطيه الذي أنت سائله). وإذا كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد تفاءل حين أقبل عليه المفاوض (سهيل بن عمرو)، فإن سلطان الخير مجال للتفاؤل الحسن، فما وضع يده في قضي إلا حل عقدها، وما تعقب مشكل إلا فكك تلاحمها، وما رمى به ملك بؤر التوتر إلا أطفأ لهيبها، وما دخل بين شتيتين إلا جمع بينهما بخير. رحمك الله يا أبا خالد رحم واسع، وجعلك {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}، لقد تركت فراغاً هائلاً، ورحلت، وأمتك أحوج ما تكون إليك.. وعزاؤنا بمن خلفك من تلك الدوح المبارك. (إذا طل منا سيد قام سيد قؤول لما قال الكرام فعول) وعزؤانا بالسيد المنجب ابن الساد النجب (عبدالله بن عبدالعزيز) ملك الإنساني ورجل المبادرات، وفي أشقائه من حوله وفي الشعب الذي نهل من معين الوفاء، فكان فى الفياء.. عزاؤنا بدول حضاري وشعب يتجلى معدنه في الأزمات.. عزاؤنا في هذا الكيان المتماسك. وإذ رحلت بجسمك فإن ذكراً حميداً، وسير عطر، وقيماً أخلاقي تركتها خلفك، تتجدد بها صورتك، وتتكرس بها شخصيتك، ويتحلى بها من بعدك: (والذكر للإنسان عمرٌ ثاني). فعليك من الله الرحم والمغفر، ولنا من الله العزاء وجبر المصاب، وإذا كانت العين تدمع، والقلب يحزن، فإننا لا نقول إلا ما يرضي ربنا: إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ .
الرابط
عليك سلام الله حياً وميتاًالمصدر-الناشر
صحيفة الجزيرةرقم التسجيلة
698514النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
14270الموضوعات
عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (ملك السعودية) - ابناؤهعبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (ملك السعودية) - التعازي
المؤلف
حسن بن فهد الهويملتاريخ النشر
20111024الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية