حوار الأديان بين الوعي والتطبيق
التاريخ
2008-12-24التاريخ الهجرى
14291226المؤلف
الخلاصة
المبادئ العظيمة والقيم الرائدة والمثل العليا تظل حبيسة أبراجها العالية في إطارها النظري ما لم تكن في وعي الجماهير وممارساتها اليومية ، ولا تتحقق غاياتها السامية الا من خلال التطبيق والتفعيل التشريعي والتنفيذي في حياة أفراد المجتمع الواحد وفي التشريعات والقوانين في التعامل بين الشعوب والأمم ، وإذا أريد لحوار الأديان والثقافات أن تتحقق غاياته السامية ، سواء على مستوى التعايش السلمي العالمي ، أو على مستوى الحد من الصراعات العقائدية بين الطوائف والمذاهب داخل كل مجتمع بشري ، أو بين الشعوب والأمم على الصعيد الثقافي والاجتماعي والسياسي ، فان ذلك يتطلب آلية فعالة تتمثل في مناهج التربية و التعليم في الأسرة والمدرسة والجامعة، وفي برامج وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة لتنمية الوعي بأهمية التسامح والتعاون ونبذ الصراع والعداوة والبغضاء من النفوس وتطهيرها من الكراهية والأحقاد، وعدم الادعاء بالأفضلية والتنابز بالمختلف عليه، وترسيخ المتفق عليه من المبادئ والقيم المشتركة لتكون قاسما محوريا لتأليف القلوب وبناء علاقات نفسية واجتماعية واقتصادية بناءة بين أفراد المجتمع الواحد وبين الشعوب والأمم ، واتباع استراتيجية تطبيقية لتذويب الفوارق وازالة مسببات الكراهية والتبغاض تتمثل في التشريعات النظامية والتنفيذية، فبدون الوعي المستنير وبدون تطبيق ملزم للقيم والمبادئ التي ينادى بها الحوار فإنه يظل في دائرة النظرية وربما يتلاشى بريقه في وقت غير بعيد ...فمنذ رفع رايته خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود في مؤتمر حوار الأديان في مكة المكرمة وصولا الى أسبانيا حيث لعبت المملكة العربية السعودية دورا رياديا بدعوة جميع أتباع الديانات والثقافات المعاصرة فتقاطرت من كافة أرجاء العالم الى مدريد العاصمة الأسبانية مقر المؤتمر تلبية وتأييدا، ثم تبنته هيئة الأمم المتحدة في نيويورك، حتى أصبح حوار الأديان منطلقا سياسيا عالميا لتعزيز السلام العالمي والتعايش السلمي بين أمم الأرض، من خلال المبادئ والقيم والمثل الخيرة التي حملتها رسالات الله عز وجل لما فيه صالح البشرية، وتلك التي جاءت بها الثقافات الإنسانية لتعزز الخير وتكافح الشر وتنشر روحا إيجابية في التعامل البناء، كل ذلك من شأنه ان يشكل إطارا للتعايش والتفاهم والتعاون بين الشعوب والأمم ، ومن شأن ذلك إذا تم تفعيله وانتقل من دائرة النظرية الى دائرة التطبيق ، وارتقى الى دائرة الوعي والممارسة على مستوى الأفراد والجماعات والشعوب ، حينئذ يؤتي الحوار ثماره ويحقق أهدافه وغاياته السامية. ولا شك في أن الحوار الايجابي يسهم في نشر ثقافة التسامح التي تعني تقبل الآخر المختلف ولا يعني ذلك التنازل عن المعتقد، كما تؤكد ثقافة التسامح على عدم فرض المعتقد على الطرف الآخر حيث لا إكراه في الدين، مما يؤدي الى السلم الاجتماعي والتعايش السلمي بين أفراد المجتمع، ويمكن القول أن الوعي المطلوب بأهمية الحوار في حياتنا يتطلب الصدق مع الله والصدق مع النفس والإيمان عن اقتناع باحترام الانسان الآخر واتباع الأديان والمذاهب الأخرى والابتعاد عن الادعاء ببطلان المذاهب والمعتقدات المختلفة عما نعتقده ونترك هذا الاختلاف الى الله العليم الخبير، ولنا في رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في ترسيخه قيم التسامح والتعايش السلمي في مجتمع المدينة حينما أعطى الأمن والأمان لكافة المقيمين في المجتمع ومنح كل فريق وطائفة من سكانها حقوقهم التي أعلنها في دستور المدينة ( راجع السيرة النبوية ) من اليهود والنصارى وغيرهم وحتى المنافقين من مسلميها كان يعاملهم بالعدل، وقبل ذلك في مكة المكرمة حينما دخلها فاتحا منتصرا فلم يبطش بخصومه بل أعلن عن صفحه عنهم وان من دخل المسجد الحرام فهو آمن ومن دخل دار ابي سفيان فهو آمن ، هكذا تتجلى سماحة الاسلام من خلال سياسة هذا النبي العظيم وأفعاله بوحي من الله عز وجل. لقد حققت المملكة سبقا عالميا واكتسبت مكانة دولية وأظهرت للعالم عظمة الدين الاسلامي العظيم وسماحته، وفندت ادعاءات الأعداء والصاق الارهاب بالاسلام والمسلمين من خلال مؤتمرات حوار الأديان والثقافات التي دعا اليها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز ـ وفقه الله، وترسيخا لمبادئ الحوار فإني أرى تشكيل فريق عمل من العلماء المتمكنين والمؤهلين للقيام بعقد لقاءات علمية وإعلامية على الصعيد الداخلي وفي مختلف دول العالم والتشاور حول وضع آلية فعالة لتنمية وعي المجتمعات بأهمية الحوار وثقافة التسامح واحترام الآخر ومعتقداته. والله ولي التوفيق. alikader77@yahoo.com
المصدر-الناشر
صحيفة اليومرقم التسجيلة
720346النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
12976الموضوعات
التعاون الثقافيالتعددية الدينية
حوار الأديان
الهيئات
الامم المتحدةالمؤلف
علي بن عبدالعزيز العبدالقادرتاريخ النشر
20081224الدول - الاماكن
اسبانياالسعودية
الرياض - السعودية
مدريد - اسبانيا