نجاح يتلوه نجاح

Abstract

أود أن أرفع آيات التهاني والتبريكات لمقام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، وصاحب السمو الملكي وزير الداخلية وسمو نائبه وسمو أمير منطقة مكة المكرمة والتهنئة موصولة لكل فرد ساهم في أعمال إدارة وتنظيم الحج على النجاح الكبير الذي تحقق لموسم حج هذا العام 1428هـ. واصبح حديث كبريات وسائل الإعلام بالداخل والخارج. وهذا النجاح لم يكن وليد الصدفة بل نتاج لخطط استراتيجية طموحة وبرامج تمويل سخية وبنية تحتية متكاملة، ودقة في التنفيذ والمتابعة والتقييم، وقبل كل هذا وذاك رجال مخلصين نذروا أنفسهم لخدمة ضيوف الرحمن. وهو شرف عظيم خص الله به المملكة العربية السعودية.تحقق هذا الأداء المتميز وكلنا يعلم أن إدارة وتنظيم الحج أمر في غاية الصعوبة والتعقيد لأن الحج حدث غير عادي على الإطلاق يجتمع خلاله حشد كبير من البشر يتجاوز ثلاثة ملايين ينتمون لجنسيات مختلفة تزيد عن 180 جنسية، وثقافات متعددة، ومستويات اجتماعية وتعليمية واقتصادية متفاوتة، وأعمار متباينة. ما يقارب 65% منهم تجاوزوا الستين عامًا. كل هؤلاء يجتمعون لأداء شعائر فريضة الحج في مكان وزمان محدودين ويحتاجون إلى كافة الخدمات التي يتطلبها سكان أي مدينة في دولة متطورة في العالم ورغم كل هذه التحديات المكانية، والزمانية، والبشرية، والظروف المتغيرة، تحقق هذا النجاح الفريد من نوعه، وأصبحت عملية وأساليب إدارة وتنظيم الحج نموذجًا إداريًا سعوديًا يدرس في جامعات عالمية وتسعى دول متقدمة للاستفادة منه في تنظيم وإدارة الحشود.ومع أن إدارة الحج وتقديم الخدمات لضيوف الرحمن وصلت إلى درجة من الجودة حازت على رضا العديد من الحجاج، إلا أنها لم تصل بعد إلى طموحات حكومة المملكة العربية السعودية وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين فما زالت هناك إمكانية للتطوير ورفع مستوى جودة الخدمات بتطبيق مفاهيم إدارية حديثة مثل إدارة الجودة الشاملة والأداء المتميز اضافة إلى إدارة الحشود التي طبقت في المواسم الماضية.ونعلم جميعًا أن الأعمال الإنشائية التي نفذت في الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة ساهمت مساهمة فاعلة في نجاح الحج. إلا أن هذه الأعمال سيكون لها حد معين تقف عنده مع الوقت الذي يزداد به عدد الحجاج سنة بعد أخرى ومن المتوقع أن يصل إلى أكثر من عشر ملايين حاج في عام 2030م. لذا فإن الأمر يتطلب التفكير في حلول غير تقليدية تساهم بفعالية في استيعاب وتنظيم هذه الأعداد الكبيرة جدًا من الحجاج في ظل محدودية المكان والزمان ومن الحلول غير التقليدية (التوعية) وأعني التوعية الشاملة للحجاج من بلادهم قبل وصولهم للمملكة بحيث يخضع الشخص الذي ينوي الحج خلال تلك السنة لبرنامج توعية مكثف نظريًا وعمليًا. حيث أن الحاج الذي لديه درجة جيدة من الوعي الديني، الصحي والأمني، والتنظيمي يستطيع أن ينظم نفسه بنفسه فيصبح جزءًا من الحل وليس جزءًا من المشكلة. والحجاج الماليزيون خير دليل على ذلك فهم من أكثر الحجاج تنظيمًا وتقيدًا بالأنظمة والتعليمات وبعدًا عن مواطن الخطر لأنهم يخضعون لدورات وبرامج تدريبية عملية باستخدام نظام المحاكاة لشعائر الحج قبل توجههم لأداء فريضة الحج. والله نسأل أن يوفق الجميع لما فيه خير الإسلام والمسلمين.?