أرقام غير دقيقة

Abstract

تعد الأرقام والإحصاءات الدقيقة الحديثة أحد الركائز الأساسية للتخطيط للتنمية المتوازنة بل إنها السبيل الوحيد لرصد مختلف الظواهر الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والصحية ونحوها في المجتمع ومعرفة حجمها وخصائصها وأسبابها وطرق التعامل معها إلا أن غياب هذه الأرقام والإحصاءات مع أهميتها يكون أقل ضرر من وجود أرقام مضللة لا تعبر عن الواقع ولا تمثله بأي شكل من الأشكال إذ في غياب الأرقام يجتهد المسؤول باستقراء الواقع والتعرف عليه ويكون احتمال الصواب وارداً في عمله وإن كان ذلك بنسبة ضئيلة متدنية، أما مع الأرقام المضللة فلا مجال للصواب أبداً. ونظراً لخطورة شيوع وقبول الأرقام والإحصاءات الخاطئة رأيت التنبيه على ذلك مستعرضاً نموذجين لهذه الأرقام التي كثر الحديث عنها وتناقلتها عدد من وسائل الإعلام وتلاقهما كثير من الخاصة قبل العامة بالقبول بل وبنيت عليهما العديد من الاقتراحات على الرغم من أنهما لا يعبران عن الواقع بأي حال من الأحوال يتبين ذلك بمجرد النظر الواعي لهما ويتأكد بالرجوع إلى الإحصاءات الرسمية من الجهات المعنية. النموذج الأول يتعلق برقم تلقاه عدد من الكتاب في معظم صحفنا المحلية بالسليم وسطروه في مقالاتهم مبينين مخاطره وأبعاده وما يرونه سبيلاً لمعالجة القضية التي يعبر عنها دون أن يكلفوا أنفسهم عناء التحقق من دقته، إنه الرقم الخاص بعدد السائقين الوافدين في المملكة والذي قدر بمليون سائق أو أكثر إذ لو تأمل من تلقى هذا الرقم ونقله في ذات الرقم وحاول ربطه بإجمالي عدد العمالة في القطاع الخاص في المملكة لتبين الجزم بعدم دقته حيث يمثل هذا الرقم أكثر من 21% من إجمالي عدد العمالة في القطاع الخاص عام 2005م فهل يعقل هذا؟.. بل إن هذا الرقم يفوق عدد موظفي الدولة الرسميين المدنيين عام 1425هـ بمن فيهم المدرسون والمدرسات والقضاة والأطباء وموظفو الوزارات ونحوهم فهل يعقل هذا أيضاً؟. إن الرجوع إلى الإحصاءات الرسمية للجهات المعنية يشير إلى أن إجمالي غير السعوديين الذين يعملون لدى الأسر الخاصة وليس السائقين فقط يبلغ حوالي ثلاثمائة ألف فرد فقط. راجع نشرة القوى العاملة 1427هـ مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات. وهذا يكشف مستوى الخطأ في هذا الرقم الذي تلقاه وتعامل معه الكثيرون بالتسليم وتضمنته العديد من المقالات ودارت حوله كثير من النقاشات وانطلقت منه وبنيت عليه دعوات ذات تأثير سلبية كبيرة على المجتمع.....