الملك عبد الله من خلال قراراته ..

Abstract

السائد في العالم الثالث أنك ترى الحاكم من خلال كلماته ومناسبات تنقلاته وما يحشده إعلامه من وعود رخاء غالباً لا تنفذ.. ومع توالي ما لا يقل عن نصف قرن مع هذه المعادلات أصبح الخلل يبدو مألوفاً في الحياة الاقتصادية وتخلف المفاهيم في الحياة الاجتماعية صار أمراً عادياً.. بعض الذين - وهم أقلية - تتوفر لديهم قدرة رؤية حجم الخطأ ثم يحاولون المطالبة بإصلاحه يبتلعهم بحر التخلف الاجتماعي على أنهم معكرون للحياة العامة.. الملك عبدالله بن عبدالعزيز كان بمقدوره وببساطة أن يرضي الناس بتوفير متطلبات سهلة.. لماذا لا؟.. مادام أن إيراد البترول قد ارتفع إلى مستواه المذهل.. تريدون مدرسة.. خذوا عشراً.. تريدون طرقاً.. خذوا ما يكفيكم من طرق مواصلات.. تريدون علاجاً.. لا بأس من الاستعانة بنهج دولة خليجية كانت تسفر المريض وعائلته كما لو كانوا سياحاً.. تريدون زيادة مرتبات.. لم تكفكم خمسة في المئة خذوا عشريناً.. الملك عبدالله بن عبدالعزيز ليس حاكماً هدفه أن يرضي الناس عبر توفير متطلبات يسهل أن تكون متاحة، ولكنه يريد أن يدخل بهم مرحلتهم التاريخية بنقلة اقتصادية وحضارية هائلة توفر حلول المتطلبات تلقائياً وتستهدف تشغيل مئات المليارات من الاستثمار المحلي الأجنبي في أكثر من خمس مدن سعودية.. عصر أمس وبجوار معالي الأستاذ عمرو الدباغ وكنت مع عدد من الزملاء ضيوفاً لدى الهيئة العامة للاستثمار استمعت إلى ما يؤسس لجذور دولة تتخطى الشرق الأوسط لتلحق بدول الاقتصاد الأولى وتنزع من شفاهنا عبارات كيف ماليزيا صنعت ذلك؟.. الشيء نفسه سنغافورة.. كيف حققت اليابان مجدها الاقتصادي دون مواد أولية؟.. كيف تخطت أوروبا حرب الكنائس وأوجدت مجتمعاً متصالحاً انفرد بقيادة المنجزات العالمية؟.. الدور التاريخي المتحول بنا من باعة بترول إلى مصدري صناعات كثيرة.. كيف تشتري منا الصين البترول وتبيعنا مشتقاته.. سنفعل ذلك.. سندخل في مصالح الرأسمال البريطاني والأمريكي وغير ذلك كثير.. الحاكم هنا في روضة خريم يستطلع الصحراء، الرمال، صلابة الصخور بجزم من هو قادر على تحويلها إلى مدن علمية خضراء، وخطوط سكك حديدية، وأخرى مواصلات، ومدن معرفة، ومدن صناعات متنوعة، وانتشار علمي للجامعات.. سنوات.. لا ندري كم.. لكن حتماً ستشهد شبه الجزيرة العربية تحولها الأول إلى استيعاب سكاني مؤهل ومدن إنتاج عالمية متفاعلة مع كبرى مدن الاقتصاد.. بقي أن يعي الناس أهمية هدف المهمة التاريخية تأثيراً على مستقبل أجيالهم فيتواجد الفكر العلمي مواكباً ومساعداً على إنجاز قدرات التحول..