ويقولون: سياحة داخلية..!

Abstract

في فترة الصيف تكون المناطق السياحية هي أكثر المناطق من ناحية الكثافة السكانية، خاصة إذا كانت هذه المناطق تتسم بالجو الجميل والمعتدل أو البارد بالمقارنة مع الكثير من المناطق الصحراوية الجافة والمغبرة، لذلك فيمكن وصف الخروج عن هذه المناطق بـ(الهروب) فالناس يهربون من الأجواء الحارة والمغبرة إلى المناطق المعتدلة والباردة كمنطقتي عسير والباحة، أو يحاولون الاستجمام في المناطق الساحلية كون نسيم البحر يضفي أجواء جميلة على حرارة الجو، إلا أن الناس يفضلون مثل هذه المناطق خاصة لمن تكون مناطقهم في الوسط أو أنها ذات طابع صحراوي لا يتناسب مع فصل الصيف، وكل هذه المعلومات السياحية معروفة لدى الجميع، وهي من قبيل تحصيل حاصل، أو من قبيل الترويج السياحي الداخلي لا أكثر.لكن اعتدال الجو وبرودته ليست كافية في صناعة سياحة داخلية، إذ يمكن صناعة سياحة في أجواء غير مناسبة لكن الخدمات المقدمة يمكن أن تصنع هذه السياحة، ولعل في نموذج مدينة دبي الشاهد الحقيقي على صناعة سياحة من غير مقومات سياحة تذكر؛ إذ لا تختلف دبي عن أية منطقة من مناطق الخليج العربي في حرارة الجو ورطوبته؛ بل إن الكثير من مناطق الخليج أفضل بكثير من دبي كصلالة مثلاً في سلطنة عمان، مما يجعل الهروب هو الأقرب منطقياً من السفر سياحياً إليها، وإذا قارنا الكثافة السياحية بين دبي وصلالة فإن الكفة ترجح لمدينة دبي على أن المقومات السياحية لدى صلالة أكثر بكثير مما لدى دبي، وهذا ناتج عن الذهنية القادرة على صناعة سياحة جالبة لآلاف السياح من كافة مناطق العالم فضلاً عن المناطق الداخلية.جدة مثلا من مناطق السعودية، تحظى بكثافة سياحية كبيرة جداً بالمقارنة مع الكثير من المناطق الأخرى، على أنها لا تحظى بالمقومات السياحية الطبيعية التي تذكر إلا كونها ساحلية، لكنها تبقى مدينة سياحة على مدار السنة، وهذا راجع إلى سؤال الصناعة السياحية، فجدة تقدم مالا تقدمه كافة مناطق المملكة سياحياً، وبرامجها التي تقدمها تجعل منها المدينة الأكثر إقبالاً وزواراً، بمعنى أنك تستطيع أن تجد ما تريده في جدة، سواء كنت مع عائلتك أم مجرد مجموعة من الشباب. هذا فضلا عن أن كون جدة تتميز بانفتاح مختلف عن باقي مجتمع السعودية، فالكبت الاجتماعي الذي يهرب منه الواحد يجد له متنفساً في جدة على أن العادات وبنية المجتمع هي نفسها، إلا أن درجة التسامح فيها أعلى بكثير من غيرها، وهذا برأيي....