إصلاح نظام الصحافة
التاريخ
2007-07-24التاريخ الهجرى
14280710المؤلف
الخلاصة
السبب الرئيسي في حيوية الصحف السعودية لا يعود الى الحرية او الاحداث الكبرى، كما هي العادة في معظم اسواق الصحافة العالمية، بل يعود اولا الى ابتعاد الحكومة عن ملكيتها، وثانيا الى مهنية مديريها وتخصصهم. وهكذا عاشت لأكثر من نصف قرن تحت ادارة المهنيين الاعلاميين في ظل القطاع الخاص. في نفس الوقت في العالم العربي كانت معظم الصحافة العربية الاخرى، لا محطات الاذاعة والتلفزيون فقط، مملوكة بالكامل للدولة وبسببها عاشت في حالة عجز مستمرة. وهناك تجربة الصحف التي كانت ملكيتها خاصة ثم هجمت عليها الحكومات وأمّمتها، فأصيبت بانتكاسة فورية. اصبحت مرتعا لتوظيف الاقارب، وتحت ادارة أناس من خارج المهنة، ودفع المحترفون من الصحافيين ثمن التدخل في شؤونهم. صحيح أن السوق السعودية لم تتمتع بحرية إعلامية واسعة، مثل معظم الدول العربية، لكنها رغم ذلك طورت نفسها مهنيا واقتصاديا حتى اصبحت معظمها مؤسسات إعلامية قوية، واستفادت من مناخ الحرية النسبي الجديد الذي تعيشه في السنوات الخمس الأخيرة. وعندما تبرع الملك عبد الله بن عبد العزيز لصالح صحيفة مكة المكرمة، «الندوة» بعشرة ملايين ريال من اجل ان تدفع لموظفيها وتستمر في الصدور فك ضائقتها المالية. وقد اثارت أزمة «الندوة» السؤال عما حدث للصحيفة الوحيدة في واحدة من اهم المدن في العالم، لماذا واجهت خطر الافلاس لولا الاسعاف الأخير من الملك؟ ربما «الندوة» حالة غير عادية في سوق تتمتع فيه زميلاتها الصحف بميزانيات رابحة بمئات الملايين سنويا، وهو ما لا تعرفه اي صحف عربية أخرى. والحقيقة ان العلة هي في التنظيم، نظام النشر الذي تقوم عليه الندوة وبقية الصحف السعودية. وقد يبدو غريبا للقارئ ان امتدح النظام فأرد له سبب نجاح عشر صحف يومية ثم أحمّله مسؤولية فشل صحيفة واحدة. في نظري ان النظام في اسسه، وفي زمنه عندما كتب، كان متقدما على كل الانظمة الاعلامية في المنطقة، وهو وراء نجاح المؤسسات الصحفية الكبرى اليوم، لكن السعودية، مثل بقية العالم، تطورت كثيرا في انظمتها ونشاطاتها وحجم سوقها، في حين تخلف التنظيم السابق عن الوضع الجديد. النظام يمنع الحكومة او كبار مسؤوليها من امتلاك الصحف ويسمح بها فقط للقطاع الخاص، وهذا أمر جيد، إنما النظام في تفاصيله كتب عصر تكاثر وسائل الاعلام والفضائيات والانترنت وسوق الاستثمار الهائلة. ومعظم ملاك الصحف، اعني مساهميها، هم من رجال الاعمال، دخلوا سوق الاعلام كأي سوق أخرى لكنهم وجدوها تضيق بسبب عوائق مثل ضوابط محدودية الاسهم، وعدم حرية التصرف فيها، ومساواة حامل السهم الواحد بالملاك الكبار عند التصويت في اجتماعات الشركات ونظام التراخيص الصارم، وهي في معظمها مسائل استثمارية لاعلاقة لها بالاعلام، وفي ظني هذا ما جعل مؤسسة صغيرة كـ«الندوة» عاجزة عن التوسع والتطور استثماريا. المستثمر يستحق ان يعامل في المؤسسات الصحفية كأي مؤسسة استثمارية أخرى بما يطمئنه على امواله ويجعل القرار خاضعا للمنطق الاقتصادي الذي يعني نجاحه نجاحا فوريا لأغراض المؤسسة الصحفية. هناك الكثير مما يستحق تصحيحه في نظام ملكية الصحف الذي كان متقدما جدا آنذاك، خاصة انه أبعد بيروقراطيي الحكومة من تحويل الصحف الى مزارع خاصة بهم. في الماضي عندما سمحت الحكومة ان تكون الصحف شركات خاصة أيضا لم ترد ان يهيمن اصحاب الاموال على الاعلام ولذا وضعت ضوابط تنظيمية. وهذا امر اصبح صعبا بوجود وسائل متعددة لضبط العمل الصحفي، وكذلك مع تعدد قنوات الاعلام وتوسع السوق التي الغت الاحتكار الذي يخشى منه حينذاك. واذا كانت الندوة عاجزة فإن الحل إما ان يعلن عن إفلاسها وتباع في السوق كأي شركة مفلسة او ان يعدل نظام الملكية ليماثل نظام الشركات التجارية المساهمة.
المصدر-الناشر
صحيفة الشرق الأوسط - طبعة القاهرةرقم التسجيلة
731507النوع
مقالرقم الاصدار - العدد
10465الموضوعات
الصحافة السعوديةحرية التعبير
عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (ملك السعودية) - الاعمال الخيرية
الهيئات
صحيفة الندوة - السعوديةالمؤلف
عبدالرحمن الرشيدتاريخ النشر
20070724الدول - الاماكن
السعوديةالرياض - السعودية