دعوة للارتقاء والانتماء وحماية الوطن

Abstract

د.هاشم عبد الله الصالح <a href=mailto:hsaleh_sa@yahoo.com>hsaleh_sa@yahoo.com</a> إن من طبيعة الإنسان أن يتخذ رموزا يعبر من خلالها عن علاقته بشيء يهمه أو فكرة يؤمن بها أو مبدأ يعتقد به, وكلما يختزن الإنسان في علاقته بذلك الرمز من قناعات قوية ومشاعر وأحاسيس صادقة فإن ذلك الرمز يكتسب شيئا من القداسة عند الإنسان وبالتالي قد يشكل الإنسان الكثير من مواقفه ورؤاه وحتى علاقاته بالآخرين على ضوء علاقته وتفاعله بهذا الرمز. وبما أن الدين يعتبر العقيدة الأقوى التي عرفها الإنسان منذ أن خلق فبالتالي يعتبر المساس بالرموز الدينية هو من باب الفتنة التي طالما أشعلت الحروب وأججت الصراعات بين الأمم والشعوب. وهذا ما نراه يحدث الآن من ردود إسلامية غاضبة تجاه البابا والفاتيكان بعد أن أراد البابا وهو أعلى مقام ديني مسيحي في العالم أن يثير الشك والارتياب بعظمة الإسلام كدين ختم الله به الأديان السماوية, وأن يحمل الإسلام وهو دين السلام والأخلاق والرفق بالإنسان والحيوان والشجر والحجر مسؤولية ممارسات بشرية يتحملها الظرف الذي نعيشه وربما الحضارة والثقافة التي أريد للعالم أن يتشرب بها ويأخذ بقيمها وأخلاقها. يحق للمسلمين كما يحق لغيرهم أن يغضبوا وأن يحتجوا إذا ما حاول البعض المساس بمقدساتهم لكي يشعروا الآخرين بقداسة هذه الرموز وعظمة هذه المبادىء عندهم وأن الاحترام المتبادل لهذه المقدسات هو المناخ الصحي والسليم لتقارب الشعوب وتعميق لغة التفاهم والحوار بينهم. وإذا كان المسلمين لا يملكون فيتو في مجلس الأمن ولا نفوذا في البنك الدولي ولا جيوشا ولا أساطيل ترهب من يريد ظلمهم والتجني عليهم فإن هذا لا يبرر لهم أن يستدرجوا للتعبير عن غضبهم وشدة تأثرهم بممارسات غير حضارية ولا بدعوات تثير الكراهية بين معتنقي الأديان السماوية وهذه مسؤولية علمائنا ومفكرينا ومؤسساتنا الإعلامية. علينا أن نستثمر هذه الفرصة للشروع في حوار جاد ومعمق بين المرجعيات الدينية لتجنيب الأديان الانعكاسات والإسقاطات السياسية التي تريد أن تؤجج الاختلاف الديني والعقدي وأن تدفع به خدمة لمصالحها التي هي بالتأكيد غير إنسانية ولا تعود إلا بالضرر علينا جميعا. واستثمار الفرصة يستوجب أيضا علينا نحن المسلمين أن نراجع أنفسنا وأن نعمق النظر في واقعنا لأن الواقع المخترق والضعيف والمباح اقتصاديا وسياسيا وإعلاميا قد لا يمتلك إلا الصراخ والضجيج في الدفاع....