بين غزة وعرعر

Abstract

الهبّة الشعبية الجارفة التي اخترمت مجتمعنا من أقصاه إلى أقصاه تجاه إخوتنا في غزة، ليست غريبة، وهي تحكي أصالة هذا الشعب، وتلاحمه مع قضايا إخوانه المسلمين، وليست هذه المرة الأولى ولن تكون الأخيرة إن شاء الله، فتاريخ هذا الوطن يسجل وقوف قادته وشعبه مع كل قضايا الإسلام، انطلاقا من واجب شرعي نحن مأمورون به، فضلا على أننا موئل هذا الدين وقبلته، ووطن الرسالة، ورأس الدول الإسلامية في هذه البسيطة .شهدنا خلال هذا الأسبوع الفارط أئمة مساجدنا يلهجون بالدعاء لنصرة إخوتنا في غزة، وتسابق الخيرون بالتبرعات عبر هيئات الإغاثة، بل حتى القنوات الفضائية الإسلامية خصصت أوقاتا للبث لمتابعة المأساة الإنسانية هناك، ويجب تسجيل شكرنا لقناة (الرسالة) التي بادأت في هذا الأمر وسبقت. كل هذا – أيها السادة – واجب لا نمنّ به على أحد، ينبجس بالتأكيد من أخلاقنا وقيمنا. ولكن ما جعلني أستغرب وأتأمل في هذا الأمر، أننا قبل أسبوعين فقط من هذه الكارثة الإنسانية، تعرضت مناطقنا الشمالية الحبيبة – في عرعر وغيرها – إلى موجة صقيع أزهقت بعض الأنفس، وثمة فقراء معدمون في تلك الجهة الغالية من بلادي، لم يهتم بذلك ويستنفر إلا القلة في مجتمعي، وأنا أتحدث هنا عن ردّ الفعل الشعبي، فالمبادرات الأهلية لم تك على مستوى أن يشعر إخوتنا في الشمال بمشاطرتنا لهم المحنة التي تعرض لها بعضهم، بله أن ترقى إلى حجم ما يحتاجونه منا من وقفة ومساعدة.قام ولاة الأمر بواجبهم، وأمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله يحفظه الله بمساعدات عاجلة للمتضررين هناك، بيد أنني أسال هنا بكثير من الدهشة عن هيئاتنا ودعاتنا ورجال أعمالنا، أين تلك الهبة المجتمعية الهادرة مع إخوتنا المحتاجين في الشمال، وبعضهم يسكن الصفيح، أين موجات التعاطف التي نسخو بها على إخواننا المسلمين في خارج الحدود، ثم نبخل بها على الأقربين وهم أولى بالمعروف.خادم الحرمين عندما أنشأ صندوق الفقر، فلمعرفته بوجود هؤلاء المعدمين في بلادنا، وحان دورنا كمجتمع وأفراد لنقوم بالمواطنة الحقة والأخوة الإسلامية الحقيقية تجاههم، وبمثل ما نفعل مع إخوتنا في العالم الخارجي.أيها السادة، جميل وواجب وقوفنا مع كل أشقائنا في بلاد الإسلام ولن نتوقف إن شاء الله، غير أننا نحتاج إلى إعادة ترتيب الأولويات في رؤيتنا للأمور، وإشاعة ثقافة مجتمعية تعيد وضع الأمور في نصابها الصحيح وبميزان اعتدال. Azizkasem1400@yahoo.com