رسالة للمفسدين !!
Date
2007-05-06xmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-hijriCreated
14280419Author
Abstract
إن إعلان المليك في خطابه السنوي لمجلس الشورى هذا العام أنه، حفظه الله، (سيضرب بسيف العدل هامة الظلم ) جاء معبراً بشكل جلي على أن تطهير المجتمع من الفساد والمفسدين يبقى الهاجس الأكبر والاهم, وأنه سيقطع دابر الفساد بشتى الوسائل. وهذا لا ريب نابع من إحساسه ويقينه، حفظه الله، بأن الفساد بمختلف ألوانه وأقنعته آفة ذات أنياب ومخالب مسمومة تنخر في الجسد المجتمعي وتصيبه في مقتل, إذا ما ترك يرتع ويستشري. والمقصود بالجسد أفراد المجتمع بمجملهم فكلما كان الأفراد متحدين في تحييده وردعه وعن قناعة راسخة, بأنه عدو لامناص من محاربته ودحره. (ونحسب أن هذا حال مجتمعنا) كان الجسد محصناً وأكثر قوة ومنعة للتصدي لهذا الوباء.. لا بل تقطيع أواصره. ليس جديداً القول إن السواد الأعظم يمقتون الفساد والمفسدين. وهذه الحقيقة ليست خافية على المفسدين أنفسهم فأنوفهم تزكم وتتقيح من انبعاث رائحة الازدراء والسخط تجاههم, دعك من نظرات الريبة والتوجس التي تمرقهم بوصفهم منبوذين حتى من أقرب المقربين إليهم, وإن لم يصرحوا بذلك علانية. وفي السياق تجدر الإشارة ودون أدنى مبالغة إلى أن المفسدين يكرهون ولنقل (يقرفون) من بعضهم بعضاً. المحزن والباعث على الاستغراب أن هؤلاء _ أي المفسدين - خصوصاً الذين تمرغوا في وحله الآسن تبلدوا حسياً, فلم تعد نظرات الاستياء تخجلهم أو تحسسهم بالخيبة ولا عبارات المقت والتندر التي تخترق مسامعهم بين الفينة والفينة, قادرة على أن تغير من مسار توجههم أو حتى تشعرهم بشيء من الندم والخذلان على ما اقترفوه بحق مجتمعهم فهم يتوارون بالتناسي والتعامي حيناً وبالتظاهر بعدم المبالاة والمكابرة وربما الإمعان في الغي والفساد حيناً آخر. الحقيقة التي يجب أن نعرفها جميعاً والتي لا يعرفها ويتجرع مرارتها إلا المفسدون أنفسهم.. هي أنهم يكرهون أنفسهم فضلاً عن أنهم في قرارة ذواتهم لا يطيقون تصرفاتهم لا بل لديهم قناعة بجريرتهم وسوء مآلهم. وفي المقابل فهم يعجبون بالنزهاء وأصحاب الأيادي البيضاء, لكن دون أن يجهروا بذلك. والدليل الأبرز على صحة القول إن هؤلاء (المفسدين) إذا ما أراد أحدهم أن يأتمن على ماله أو أولاده يختار أو قل ينتقي بعناية وتمحيص فائقين من يتمتع بنزاهة واستقامة لا يشق لهم غبار, خصوصاً أنه أدرى (أبخص) من غيره في التعرف على خفايا المفسدين ومكرهم وغدرهم. بالمناسبة إن ما يبعث على الضحك والسخرية أنه رغم حرصهم وحذرهم الشديدين (الذي يفوق بكثير عامة الناس) على تجنب الوقوع في مصيدة المفسدين فإنهم كثيراً ما يقعون في شر أعمالهم ويكونون لقمة سائغة لأشباههم ومن هم على شاكلتهم. مغزى القول إن المفسدين مستاءون من سلوكهم بل غير سعداء وإن تظاهروا بعكس ذلك , وهذه حقيقة ليس بوسعهم مداراتها. وهي تؤرقهم أكثر ما تؤرقهم إن هم اختلوا بأنفسهم. وقبل أن نختم، من المفيد التذكير ببعض الحقائق والمسلمات التي لا تقبل الـتأويل أو الجدل أولها أن الإنسان لئن استخدم أساليب المواربة وتوسل الحيل وفنون التدليس، قد يقوى على الهروب والتنصل من عقاب الآخرين وازدرائهم له لكنه لن يقوى على الهروب من ذاته وضميره قيد أنملة. الحقيقة الثانية إن الإنسان لديه القدرة والبأس على تحمل تجريح الآخرين له وإهانته وحتى معاقبته.. لكنه لن يستطيع أن يتحمل وطأة عدم الرضا عن ذاته, فما بال الأمر بكرهه واحتقاره لذاته وإن تبدى علناً غير ذلك أو طال به أمد التبجح والانغماس في الفساد. واستنادا إلى ما تقدم نختم بسؤال من شقين نوجهه لهؤلاء: هل ثمة ما يبعث على الحزن والكدر والهوان أكثر من الشعور بكره الذات واحتقارها؟ واستتباعاً: هل هناك ما هو أغلى وأعز على المرء من ذاته , بصيغة أخرى هل ثمة ما يوازي أو يعوض عن خسارة النفس ؟ أزعم أن الإجابة عن تلك التساؤلات تستدعي وقفة تأمل مع الذات. والأهم أن تكون صادقة وموضوعية، فذلك مؤشر على بصيص من الأمل وأنه لا تزال في النفق المعتم ومضات ضوء وإن كانت خافتة ومتوارية إلا أنه بالإمكان التوسل والاستئناس بها للخروج من النفق إلى حيث الارتماء في أحضان المجتمع والظفر بالذات, وتالياً كسب محبة الناس واحترامهم. قصارى القول إن من يسترخص ذاته ويساوم بها يصبح رخيصاً عند الآخرين ويلفظه مجتمعه وإن بعد حين. علي بن سعد الزامل
Publisher
صحيفة الاقتصاديةVideo Number
435690Video subtype
زاويةxmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-Issue
0Topics
السعودية - الاحوال السياسيةالسعودية - مجلس الشورى
الفساد الاداري
الفساد المالي جرائم الاموال
Organization
مجلس الشورى - السعوديةThe name of the photographer
علي بن سعد الزاملDate Of Publication
20070506Spatial
السعوديةالرياض - السعودية