ثول .. حقل ( معرفي ) يفتح بعد حقول ( النفط ) .. !
Date
28-10-2007xmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-hijriCreated
14281016Author
Abstract
ثُوَل.. حقل (معرفي) يُفتح بعد حقول (النفط)..! حمّاد بن حامد السالمي ثُوَل.. قرية الصيد والصيادين والمحار والخبيتي، غناء الخبيتي، حين ترتفع به حناجر المغنين، وهم يتابعون شروق الشمس من فوق حرَّاتهم الشرقية، أو يرقبون غروبها في ماء بحرهم الهادئ غرباً، المليء بأسرار الحب والحياة، وغربة النفس أحياناً. * بين قرية ثول الساكنة الهادئة، وبين مدينة جدة الصاخبة جداً، مسافة تسعين كيلاً، عامرة بالحياة والناس إلى حد كبير. القرية الساكنة شبت عن الطوق. إنها تشمخ برأسها إلى مصاف المدن، ولكن بمواصفات غير معتادة، إنها مدينة علمية معرفية ليست ككل المدن التي نعرف.. حقاً: (ثُوَل اليوم غير) وكفى. * من معاني ثول في معاجم اللغة - ولكن بفتح ثم تسكين - جماعة النحل: يُقال لها (الثَّوْل)، وكذلك شجر (الحَمْض)، الذي تسمن عليه الإبل، ويصبح لبنها وسمنها ولحمها شهي المذاق. إن جماعات النحل، صانعات العسل، لتضرب في الحياة أروع أمثلة العمل والتصنيع والإنتاج، القائم على الصبر والكفاح والدأب، وبناء خلايا عسل معقدة، يعجز عن صنع مثلها إنسان، مهما بلغ من الدقة والحذق. النحل المعرفي (المعولم) يحل اليوم في ثول، إنا لعسله التقني لمنتظرون. * في ثول اليوم نفتح حقلاً من المعرفة البشرية، بعد أن فتحنا على مدار أكثر من نصف قرن مئات حقول النفط. كيف عكفنا على حقول النفط طوال هذه السنين ولم نفتح إلى جانبها ولو حقلاً معرفياً واحداً..؟! هل أُخذنا ببريق الذهب الأسود، بعيداً عن عالم المعرفة. المعرفة التي تسبق غيرها في منظومة الإنتاج والتصنيع..؟ * ما الذي يجمع بين النفط والمعرفة..؟ * النفط طاقة محركة، والمعرفة أداة علمية عملية لإنتاج وتصنيع وتحريك الطاقة. والطاقة يمكن لها أن تسهم في صناعة المعرفة، لكنها تظل عالة على المعرفة وتقنياتها المتجددة، ووقوفنا الطويل على أفواه آبار النفط، دون تفكير في (توطين) ما وراء الطاقة، جعلنا في المؤخرة لا المقدمة، رغم امتلاكنا للطاقة ذاتها. * عبد الله بن عبد العزيز.. رائد التجديد والإصلاح في هذه البلاد، أخرجنا من صفوف المتفرجين إلى صفوف المشاركين، من شعب يستهلك المعرفة إلى مجتمع يسهم في صنع وإنتاج المعرفة. فجامعة الملك عبد الله بن عبد العزيز للعلوم والتقنية الحديثة في ثول ليست مجرد رقم جديد في منظومة جامعات المملكة، التي ارتفع عددها في ظرف عامين من سبع جامعات إلى أكثر من عشرين جامعة، بل هي جامعة فوق كل الجامعات. إنها جامعة الجامعات في المملكة. * الحلم علم.. حلم عبد الله بن عبد العزيز الذي لازمه ربع قرن أصبح حقيقة ماثلة للعالم، في جزء من بلاد العلم والنور. إنها الجامعة العلمية المعاصرة، التي لا تفرق بين جنس أو دين أو مذهب، ولكنها تفرق بين الناس في مستوى تفكيرهم وعطائهم وقدرتهم على الإبداع والابتكار. * يقول (عبد الله بن عبد العزيز) - حفظه الله - عن هذا الصرح العلمي المعرفي، المتمثل في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية: (رسالتها إنسانية، في بيئة نقية صافية، وهي تعتمد على كفاءات علمية، دون تمييز أو تفرقة، وهي منارة من منارات المعرفة، وهي جسر للتواصل بين الحضارات والشعوب، وهي دار للحكمة، ومنتدى للعلماء والمبدعين، وشعاع يضيء بالعلم دروب الأجيال الصاعدة، ومهمتها هي البحث العلمي، والابتكار، وتنمية المواهب). * إن جامعة الملك عبد الله في ثول تتوج، أكاديمياً وبامتياز، ما تم إنجازه قبلها من مراكز حضارية، ومؤسسات علمية كبيرة، وما حدث من تطوير ملموس في أوجه التعليم العام والعالي، وإنشاء المدن الاقتصادية والصناعية، وبعضها قريب من ثول مقر الجامعة الجديدة. خصوصاً أن الجامعة الوليدة تضم منظومة من المراكز والمعاهد العلمية في شتى مجالات المعرفة البترولية والبيئية والبحرية والمعلوماتية، وغيرها من مجالات الدراسة التي تتوزع بين الهندسة الكيميائية والميكانيكية، والرياضيات التطبيقية، وعلم تحليل المشكلات، وعلم هندسة المواد، وهندسة البيئة. إنها سوف تصبح أحد أهم المراكز العالمية في مجال البحث العلمي والابتكار، وسوف تدعم النمو المعرفي المجتمعي، وتسهم في ترسيخ تحول المجتمع من مستهلك للمعرفة إلى منتجٍ لها. وتدعم الصناعات الوطنية، وتنمي الناتج الإجمالي. وكما قال وزير النفط والثروة المعدنية السعودي المهندس (علي النعيمي): إنها تمثل انطلاقة سعودية بالغة الأهمية، بحيث تدخلنا مع العالم إلى محطة جديدة من محطات التقدم والازدهار، من خلال بناء صرح علمي ذي أبعاد عالمية يحمل في طياته أهمية خاصة. * إن ظهور هذه الجامعة الفريدة بيننا هو حدث عظيم؛ لأنه يعمّق روح الأمل والتفاؤل في نجاح مسيرة الإصلاح والتجديد التي أخذ بزمامها عبد الله بن عبد العزيز نحو آفاق جديدة من العلوم والتقنية على نهج علمي مدروس؛ فالمملكة مؤهلة للصدارة بين دول العالم بما تملك من إمكانات كبيرة