هيئة البيعة وظروف المرحلة

Abstract

على وجه التحديد هيئة البيعة وظروف المرحلة د.عبدالواحد الحميد بتشكيل هيئة البيعة تكون المملكة قد حققت نقلة مهمة في مسيرة الإصلاح السياسي الذي لم يتوقف منذ انشاء الدولة السعودية الحديثة.. ذلك الاصلاح الذي كان يتفاعل دوماً مع حركة المجتمع ومع التطورات المحلية وطبيعة الظروف التي تصبغ كل مرحلة تاريخية. فالمملكة، في بدايات التأسيس، كانت مجتمعاً يناضل من أجل تحقيق الأمن وترسيخ وحدة التراب الوطني وتعزيز الانسجام والتناغم بين الأقاليم الشاسعة والمتباعدة من كيان متناثر أصبح وطناً للجميع بعد قرون طويلة من التناحر والتحارب وعدم الاستقرار.. وقد تحقق ذلك الاستقرار على يد المغفور له الملك عبدالعزيز بعد أن وحَّد تلك الأقاليم تحت راية واحدة.. وراح يضع أسس الدولة الحديثة. وفي مرحلة لاحقة تم انشاء الأجهزة الحكومية الأساسية، ثم إنشاء الوزارات والدواوين الحكومية المختلفة. وتزامن ذلك مع التوسع في نشر التعليم، ووضع اللبنات الأولى للبنية الأساسية من طرق معبدة ومطارات وموانئ. وفي فترة التسعينيات الهجرية تسارعت وتيرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية.. فقد ركزت الدولة على التنمية البشرية متمثلة في الابتعاث المكثف إلى الخارج وانشاء جامعات وكليات جديدة والتوسع في تعليم المرأة وبناء مستشفيات ومرافق صحية وبرامج اجتماعية متعددة.. وكذلك إقامة بنية مادية متينة من طرق وجسور ومطارات وموانئ وغيرها من المرافق الحديثة.. وقد تم صياغة ذلك كله ضمن اطار خطط تنموية منهجية محددة. وكان لابد، بعد ذلك، أن تتحقق النقلات التي أصبحت البلاد مهيأة لها.. وهي صدور أنظمة للحكم والمناطق والشورى.. ومضت الأمور بشكل متدرج فقد أعقب ذلك ايجاد هيئات منتخبة بمسمى المجالس البلدية وهي تؤسس لنقلة منتظرة في المشاركة الشعبية التي تتناغم مع تطور اجتماعي يجعل العائد من هذه الممارسة ايجابياً وذلك بالاستفادة من الأخطاء التي وقع فيها الغير لأن حياة السلام الاجتماعي الذي تحقق بالعرق والدم وبكفاح جيل التوحيد أهم من مكاسب آنية يمكن اختيار التوقيت الأنسب لتحقيقها. وقد انهمكت البلاد خلال السنوات القليلة الماضية في إعادة هيكلة أجهزة الدولة وأنظمتها من خلال اللجنة الوزارية للتنظيم الاداري وبعض الجهات المتخصصة الأخرى في الدولة.. فبرزت أجهزة حكومية جديدة وصدرت أنظمة جديدة مهمة.. ومن المنتظر صدور وتطبيق أنظمة جديدة تمثل ركيزة أساسية مثل نظام القضاء الذي سيحقق نقلة جوهرية ذات تأثير بالغ على الصعيد المحلي وفي علاقاتنا مع العالم الخارجي. وفي خضم هذه التغييرات الاصلاحية الكبيرة التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله يأتي تشكيل هيئة البيعة الذي صدر بأمر ملكي كريم قبل أيام.. ولاشك ان هذا التطور المهم يسهم بشكل كبير في ترسيخ الاستقرار السياسي ويُرشد عملية اختيار الحاكم وممارسة الحكم ويحمي البلاد من نشوء حالة من الفراغ الدستوري لأي ظرف من الظروف. ان ايجاد هيئة للبيعة، وفق النظام الذي أُعلن، يحقق الطمأنينة في نفوس المواطنين الذين يهمهم استتباب الأمن والاستقرار ووحدة الوطن.. كما أنه يواكب متطلبات المرحلة الحالية في مؤسسة الحكم نفسها.. وقد جاء صدور الأمر الملكي ليثبت، مرة أخرى، ديناميكية القرار السياسي وتجاوبه مع ظروف كل مرحلة تاريخية حسب متطلبات تلك الظروف