محركات ذاتية للإصلاح

Abstract

حديث خادم الحرمين الشريفين حفظه الله لمجلس الشورى يحمل كثيرا من الافكار المستقبلية التي تتطلع لها بلادنا فهذا التواصل بين القائد وبين المجلس الاستشاري الذي يراه المواطنون على انه «سلطة تشريعية في طور التشكل» يعطي هذا المجلس قوة وحضورا كبيرين سيكون لهما أثر كبير في جعل هذا المؤسسة قوة تشريعية مستقلة. في اعتقادي الشخصي أن مجلس الشورى بدعم من الملك ايده الله سيكون «البرلمان» الذي نتمناه، فبلادنا في حالة نمو هائل وفي طور بناء «جديد» تحتاج فيه إلى مؤسسات اتخاذ قرار غير التي عهدناها من قبل. وهو ما يقودنا إلى تفعيل العمل الديموقراطي في تشكيل مؤسسة الشورى نفسها، فقد وصلنا إلى مرحلة من النضج تدعو فعلا إلى تبني آلية الانتخاب في تشكيل هذا المجلس (على الاقل نصف الاعضاء مؤقتا) حتى يتسنى لهذه المؤسسة أن تكون مستقلة وذات تأثير مجتمعي عميق. الأمر مرتبط بقناعة المجتمع بدور هذه المؤسسة ومن الواضح أن هناك تصاعدا كبيرا لهذه القناعة في الآونة الأخيرة خصوصا عندما بدأ بعض اعضاء المجلس بطرح قضايا حساسة وشجاعة مثل سياقة المرأة للسيارة وتدخل بعض الاعضاء في أزمة الأسهم الأخيرة وغيرها من القضايا التي تمس هموم المجتمع مباشرة. هذا الطرح يمثل منعطفا مهما بالنسبة للمجلس إذ ان الدورات الأولى له كانت خجولة ولم تحظ بأي إثارة بينما نلاحظ أن مؤسسة الشورى في دورتها الأخيرة على وجه الخصوص صارت تحدد ملامح واضحة لأدوار مجتمعية وتنموية يمكن أن يقوم بها المجلس في الحاضر ويمكن أن تتطور هذه الادوار في المستقبل القريب. وبكل تأكيد تأتي كلمة الملك السنوية للمجلس كميثاق تواصل وكعرف «تطويري» وكدعم لهذه المؤسسة التي يعلق عليها المجتمع آمالا كبيرة. على أن قناعة المجتمع لن تكتمل إلا بتبني الخيار الديموقراطي في اختيار الاعضاء ولا اعتقد أن هذا الأمر يصعب تحقيقه في الوقت الراهن. (2) ولعلي اعرج على كلمة الملك حفظه الله التي كانت انسانية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى فقد كان خطابه للمواطن «عفويا» و»مباشرا» فيه كثير من الحب ومن الشعور بالمسؤولية نحو كل انسان يعيش على ارض هذه البلاد. كانت الكلمات حاثة على «البناء الذاتي» وتحرك في المواطن طاقته الاصلاحية لأنه لايمكن أن نتوقع أن يكون هناك إصلاح حقيقي دون أن يعي المواطن قيمة الاصلاح وما يعنيه له ولأبنائه في المستقبل. الاصلاح النابع من الذات والذي تحركه دوافع داخلية هو الاصلاح....