ثقافة الإدخار والاستثمار من منظور وطني

Abstract

المكرمة الملكية الكريمة التي نوهنا بها سابقا حين توالي المكرمات السابقة بانها لم تكن الاولى لخادم الحرمين الشريفين حفظه الله كما انها لن تكون الاخيرة والتي أُعلنت بتأسيس صندوق استثماري يضمن على الاقل عدم تعريض خسارة راس المال، فيه الكثير من المضامين الجوهرية التي يمكن ان نوجزها فيما يلي: 1- ان فكرة الصندوق وبضمان رأس المال مع اشكالية طرحها بهذا المضمون وكثرة الجدال حولها فيما لوكانت تقع ضمن اطار المحظور شرعا كونه يضمن رأس المال ويحميه من الخسارة. فالوضع فيما يعتقد الكثير من اهل الفقه والرأي مختلف كليا عما يرد في اذهان كثير من افراد المجتمع الحريصون على ان تكون معاملاتهم سالمة من الامور الربوية. وجوهر الموضوع ان ضمان رأس المال من الدولة والتي هي راعية لهذا الصندوق لكي يستفيد منه المواطنون من اجل ضمان رأس المال ودون ضمان تحقيق الربح. فمسألة ضمان الربح هي ما ينبغي التوقف عنده وابداء الفتوى بخصوصه اما ضمان رأس المال خاصة من قبل طرف غير مستفيد و غير شريك فان الوضع مختلف ويمكن ان يدخل بدائرة المباح وبأضعف الاحوال المختلف عليه . 2- ان ترسيخ مبادئ هامة مثل التعود على الادخار والاستثمار طويل الاجل هي من ضمن الاسس القوية التي تأسس عليها الصندوق. فالمجتمع السعودي خاصة والمجتمعات الخليجية على وجه العموم تكاد تخلو من قائمة اهتماماتها ثقافة الادخار والاستثمار، بل ان ثقافة ضارة اخرى هي التي حلت بديلا لتلك الثقافتين والحقت اضرارا جسيمة بالكثير من افراد تلك المجتمعات وهي ثقافة التقسيط والاقتراض لمقابلة احتياجات حالية وتحميل اعبائها على موارد مستقبلية تكاد تكون محدودة ومتناقصة في ظل تزايد الاحتياجات ونمو الرغبات. مثل هذه الثقافة التي حلت بديلا اضعفت كثيرا من القيم الاسلامية والاجتماعية التي كانت تتحلى بها تلك المجتمعات نتيجة ضغط المطالبات من الجهات المقرضة والتي لا تعترف بالظروف الصعبة التي قد يتعرض لها بعض من اقترض منها. 3- ان هذه المكرمة تمثل فكرا راقيا للاستخدام الامثل للموارد المالية الفائضة وتحقيق الاستفادة القصوى بأسلوب جماعي ووطني شامل، بحيث يرسخ مبادئ الانتماء ويجعل المواطنين شركاء بصندوق يجنون من ورائه الكثير من الفوائد مما سيقلص من الكثير من التصرفات السلبية غير المدروسة نتيجة الرغبة في تأمين الاحتياجات الاساسية التي يحتاجها افراد المجتمع. وما ذكرناه لايمثل الا جزءا قليلا مما يمكن استنباطه من معطيات ايجابية كثيرة، وليت جميع المواطنين يقومون بالاشتراك الفعال بهذا الصندوق ويجعلون فكرة استقطاع جزءا من الدخل لاغراض ادخارية واستثمارية هي عادة اساسية وثابتة سيجنون الكثير من الفوائد وتعود معها الكثير من القيم التي كدنا نفقدها بعدما افتقدناها في لحظات كثيرة من زمننا. فهل يستجيب المواطنون لهذه الفكرة والمكرمة والهدية بما تستحقها من اهتمام ويعيدون التفكير مجددا في الكثير من العادات التي مارسوها سابقا والتي جلبت لهم الكثير من المتاعب؟ سؤال الاجابة عليه ستكون بالايجاب طالما قامت الجهات المكلفة بتأسيس الصندوق بتفعيله بأسرع وقت ممكن وبآليات مبسطة تستفيد من إمكانيات التقنية الحديثة.