عهد ووفاء - معالي د . احمد الضبيب : من أجل سياسة لغوية سعودية مجمع لغوي بالرياض

Abstract

تشهد بلادنا هذه الأيام حيوية ونشاطاً في جميع المجالات سواء أكانت اقتصادية أم اجتماعية أم علمية وثقافية أو غيرها، ويرى المثقفون أن هذه الحقبة المباركة التي تدلف إليها بلادنا لابد أن يكون لها مردود ينعكس على تزايد الوعي الثقافي، غير أن النشاط الثقافي بمتطلباته المعاصرة يختلف بشكل أو بآخر عما كان عليه في السابق، فلم يعد المثقف محصوراً ببيئته أو بعيداً عن منابع الثقافات الأخرى، وإنما أصبح في تماس مع هذه الثقافات إن لم يكن في تقاطع معها. وأصبحت الثقافات الوافدة تعمل على تشكيل الوعي العام من خلال وسائلها المرئية والمسموعة، الأمر الذي يجعل من الواجب أن يكون الإنسان العربي المعاصر على دراية واعية بما لديه من إمكانات ثقافية في تراثه الوطني وفي تجارب أمته، إلى جانب التنبه الى ما يمكن أن تمارسه عليه قوى العولمة من نفوذ ثقافي يحرفه عن هويته، أو يحقق من ورائه انتصاراً على ثقافته العربية الإسلامية، التي هي درعه الواقي، بكل مكوناتها الدينية واللغوية والتاريخية. وتعد اللغة العربية الفصحى من أهم أعمدة الثقافة العربية التي تتلقى الضربات اليومية من قوى العولمة الشرسة، لتكريس الهيمنة الثقافية العالمية، وقد نجحت تلك الضربات في مواقع متعددة، فأصبحت العربية مهمشة في المتجر والمصنع والمستشفى والفندق، وسائر الأنشطة الاقتصادية. إن اللغة هي أساس حضارة الأمم والدول المتقدمة تعامل اللغة على أنها أداة اقتصادية لها من التأثير والمحددات ما للعملة الوطنية ولذلك تلحق بعض هذه الدول شؤون اللغة بوزارتي الاقتصاد أو المالية، وترسم هذه البلدان سياسات لغوية تماما كما ترسم السياسات من فوائد نحو المواطن اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً. لذلك فإن من أهم ما يطمح إليه الغيورون في بلادنا أن يكون لبلادنا سياسة لغوية واضحة يلتزم بها الجميع وتؤدي بنا إلى ثقافة نابضة بالفصحى، محافظة عى الإرث الصالح من تراثنا ومنطلقة بنا إلى مستقبل واعد. وقد يكون من أهم وسائل تكوين هذه السياسة الإسراع في إصدار نظام مجمع اللغة العربية الذي سبق وأن وافق عليه مجلس الشورى، والتفكير في وضع نظام للغة العربية يفسر ما يخص اللغة في المادة الأولى من النظام الأساس للحكم، حتى تجد تلك المادة موضعها من التطبيق.