‏“مثقفو الغفلة”: هل تجاوزهم الزمن؟

Abstract

الثلاثاء, 27 يناير 2009د.خضر محمد الشيبانيالأمر الثابت أن (مجزرة غزة) أصبحت - بكل المقاييس - منعطفاً تاريخياً في (الصراع العربي - ‏الصهيوني)؛ ليس فقط في حجم (المجزرة) التي كشفت للعالم بأسره حقيقة إسرائيل بعد أن بحّت أصوات الشرفاء ‏في كل أنحاء العالم محاولةً توضيحها وتبيانها على مدى عقود؛ وليس فقط في درجة (الصمود البطولي) لأهل غزة ‏الذي أحرج الصهاينة...وبهر العالم، ولكن لأنها تأتي في زمن تقلّصت فيه خيارات الأمة، وضاقت آفاقها، لتطرح ‏‏- من جديد - أهمية (المقاومة)، وتؤكّد دورها الحاسم في (صناعة المستقبل).‏وبالرغم من التحقيقات والحسابات الصارمة التي خضعت لها المؤسسة العسكرية، والطغمة السياسية، ‏داخل إسرائيل بعد حربها الشرسة على لبنان قبل عامين، فإن (الغطرسة الصهيونية) لم تتعلّم من فشلها هناك، ‏وراحت من جديد تتوقّع أنها ستقوم برحلة سياحية لا تتعدّى أيامها أصابع اليد الواحدة حتى تسقط غزة، ‏ويطلب أهلها الأمان، ويستسلم (رجال المقاومة)، وتتوقّف صواريخهم ذات التأثير المادي المحدود إلاّ أن العدوّ ‏يُدرك أن هذه الصواريخ تحمل مؤشرات للمستقبل لما يُمكن أن يكون عليه الحال عندما يتغيّر الحال، ولو قليلاً، ‏في (ميزان القوة) في صراع تأبى فيه (الدولة العنصرية) الانصياع إلى القرارات الأممية.‏وإذا كنا نستطيع أن نفهم سياسات (الحركة الصهيونية) من واقع عقيدتها العسكرية القتالية، و تاريخها ‏وفلسفتها، وتراثها، وأطماعها، فإننا لا نستطيع أن نفهم موقف (مثقفي الغفلة) الذين خرجوا علينا في غفلة من ‏الزمان، وفي ظروف غير طبيعية، لنجد تطابقاً مشيناً لطروحاتهم مع منطق (المنشورات الإسرائيلية) التي ألقاها ‏العدوّ في كل مكان من غزة متّهماً (المقاومة) بأنها المسؤولة عن تلك (المجزرة)؛ وإذا كنا نستطيع أن نفهم رغبة ‏العدوّ في القضاء على المقاومة لترسيخ احتلاله، وتعميق استئثاره بالهيمنة على المنطقة، فإننا لا نستطيع أن نفهم ‏حسابات (مثقفي الغفلة)، أو أن نستوعب إصرارهم على رهانات خاسرة.‏أما أوّل رهاناتهم الخاسرة فيتجلّى في جهلهم المطلق بطبيعة (السنن الكونية)؛ فالمقاومة - عبر التاريخ ‏‏- هي (ردّ فعل) غريزي وشرعي لـ(فعل الاحتلال والاستيطان والاستعمار)؛ وهي من سنن (التدافع بين ‏الناس) ولن تجد لسنة الله تبديلاً مهما تنوّعت مقولات (مثقفي الغفلة) المتهافتة، وأما ثاني رهاناتهم الخاسرة ‏فيتجلّى في الموقف الواضح لإدارة....