التعديل الوزاري والإصلاح الشامل

Abstract

لم يكن التعديل الوزاري بمستغرب على خادم الحرمين الشريفين، الذي عودنا على التخطيط والتنظيم، وإصدار القرار الصحيح، فالمرحلة التي دخلتها المملكة اليوم، تتناسب مع إرادة التغيير الذي يسعى إليه الملك عبد الله بن عبد العزيز. فالتغيير لم يتناول الوزارات وحدها، بل كان تغييرا في النظام المتكامل، إذ شمل التعديل إلى جانب بعض الوزارات عددا من المؤسسات القضائية، والاقتصادية، والعسكرية، مما يؤكد على أن التعديل منهج يواكب مرحلة جديدة تدخلها المملكة. أما الوزراء والقضاة وكبار المسؤولين الذين تم تغييرهم، فقد أدوا أدوارهم بجدارة فيما يتناسب مع المرحلة السابقة، وأبلوا فيها بلاء حسنا، فكما يستحق الوزراء والمسؤولون الجدد التهنئة، فإن السابقين يستحقون الشكر والتقدير. ولو توقفنا عند بعض الوزراء لوجدنا أنهم مؤهلون تأهيلا يتناسب مع مناصبهم، فصاحب السمو الأمير فيصل بن عبد الله آل سعود يتمتع بعقلية إستراتيجية، وخبرات علمية وإدارية، فقد كان من الخريجين المميزين من أفضل جامعة في العالم هي جامعة هارفارد، وكان طوال حياته مؤرقا بالاستثمار في الإنسان، بالإضافة إلى أنه يعتبر من رواد المجتمع المعرفي في المملكة.أما الدكتور عبد العزيز خوجة، فلم يكن غريبا على مجال الثقافة والإعلام والتعليم، وإذ عمل وكيلا للوزارة من قبل، كما أن له باعا في الأدب والشعر، ويدرك أهمية الثقافة ودورها في تطوير الأمم المعاصرة. ولو نظرنا إلى الدكتور عبد الله الربيعة، لوجدنا أنه قد نهض بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين بمستشفيات الحرس الوطني، حيث وصل بها إلى أفضل المستشفيات العالمية لما يعرف بالأوساط الطبية بأنه معجزة الطب، وبشكل خاص في فصل التوائم، فطالما استعانت معاهد الأبحاث العالمية بخبرته الطبية. لم يقف التعديل عند الوزارات، بل شمل ذلك القضاء بكل صوره الشرعية والإدارية، كما استحدث التعديل تشكيلا جديدا للمحكمة العليا التي تعتبر بمثابة المحكمة الدستورية، وبذلك يكون القضاء السعودي قد استكمل هيكله القضائي العام. لقد شمل التعديل هيئة كبار العلماء مما يعطي المملكة دورها الحقيقي باعتبارها سادنة الحرمين الشريفين، والتي يملي عليها هذا الدور.ولم يغفل التعديل الوزاري المرأة السعودية التي أثبتت جدارتها، واستطاعت أن تشق طريقها إلى المشاركة في مسؤولية الوطن، وعلى هذا جرى تعيين نور الفايز كأول امرأة لنيابة وزير التعليم لشؤون البنات.لقد امتد التعديل إلى مجلس الشورى، ومجلس القضاء الأعلى، مما يؤكد على أن هناك تعديلات سوف تجري في هذا المجال، وأن منهجا جديدا سوف يحدث في القضاء، وبشكل خاص فما يتعلق بالأنظمة القضائية، وتقنين بعض الأحكام الشرعية لضمان نزاهة هذه الأحكام، لقد كان القضاء الأعلى يتمثل في الفرد، واليوم أصبح يتمثل في تنظيم مؤسساتي. إن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سوف تتعرض لتطور كبير من خلال الشيخ عبد العزيز الحمين الذي سوف يؤسس للأنظمة والضوابط اللازمة للهيئة بحيث تقوم بدورها الصحيح في إصلاح المجتمع، والأخذ بالأسلوب الأمثل في التعامل مع المخالفات الشرعية والآداب العامة، وفضيلته كان يعمل في الهيئة الاستشارية لدى خادم الحرمين الشريفين، وعرفه عن قرب، كما يعرفه الجميع من خلال فكره المعتدل، ونظرته الثاقبة.يعيش العالم اليوم مرحلة مالية حرجة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، وتسعى المملكة جهدها أن لا تتعرض للأزمات التي تواجهها الدول الأخرى، ومع أن مؤسسة النقد استطاعت أن تحافظ على القوة المالية للمملكة إلا أن المؤسسة في حاجة إلى إقرار حوكمة المصارف العامة والخاصة، لأنها تمثل الضابط الأساسي في الأمن المالي القومي، والدكتور محمد الجاسر من القلائل الذين يعرفون أهمية الحوكمة في الإصلاح التجاري والمصرفي. لو تأملنا في هذه التغييرات لوجدنا أن جميع الوزراء ورؤساء المؤسسات، وكبار المسؤولين الذين أوكلت إليهم هذه المسؤوليات، لديهم إلمام بالسياسة الدولية، مما يساعد على الإدراك الحقيقي لما يجري في عصر العولمة. لقد تابع خادم الحرمين الشريفين طوال السنوات الثلاث هؤلاء المسؤولين عن كثب ورعاهم بالتوجيه، وبعد أن تأكد من قدراتهم، منحهم اليوم المسؤولية، فنسأل الله لهم العون والرشاد.إن هذا التغيير يؤكد على أن المملكة تتحرى الشخص المناسب في المكان المناسب، ولم تكن في يوم من الأيام رهينة للمحسوبية أو المجاملات، وعلى هذا تبني الأمم نهضتها. والله الموفقEmail-eshki@doctor.com