المملكة .. والفرصة التاريخية لاقالة عثرات التنمية ! !

Abstract

المملكة.. والفرصة التاريخية لإقالة عثرات التنمية!! عبدالله القفاري توقع تقرير اقتصادي أعده مركز الدراسات بغرفة صناعة وتجارة الرياض أن تبلغ إيرادات ميزانية الدولة للعام 2006ما يصل إلى 390مليار ريال بزيادة قدرها 39.3% عن ميزانية 2005م. وفي عام 2005شكلت المالية العامة للدولة فائضاً للعام الثالث على التوالي بلغ 218مليار ريال (التقرير السنوي لمؤسسة النقد السعودي). منذ عدة سنوات ونحن نشهد فائضاً في إيرادات الميزانية العامة للدولة، وهذا الارتفاع يعود إلى ارتفاع أسعار النفط التصاعدية منذ عام 2002من 18دولاراً أمريكياً إلى 70دولاراً أمريكياً خلال هذا العام ثم عودتها إلى مستويات ما دون الستين دولارا. لكن بين طفرة منتصف السبعينيات وحتى اليوم ثمة مسافات جديرة بالتأمل وإعادة النظر وإقالة عثرات تنموية متراكمة، لا من خلال حلول تسكينية تسد ثغرات آنية بل من خلال رؤية استراتيجية تأخذ بالاعتبار ان الاعتماد على سلعة وحيدة وناضبة وعرضة للتذبذبات هو رهن لمشروع التنمية بإرادة المورد الذي يشكل أكثر من 70% من إيرادات الدولة. وبين هذه المسألة وبين قضايا التنمية بكل أبعادها علاقة ثابتة في بلد يعتمد بشكل رئيسي على هذا المورد. بين الطفرة النفطية الأولى في السبعينيات وطفرتها في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ثمة ثلاثون عاماً تحركت التنمية في مسارات شتى، لكن عثراتها واضحة جلية ومقلقة، ومتطلباتها شاقة وتحدياتها كبيرة، ثمة زيادة سكانية كلفتها تتطلب مواجهة مشروع النمو برؤية مختلفة، وثمة مشروعات خدمية لا تنتظر، وثمة استحقاقات اجتماعية متنامية... وثمة حلول اليوم لكنها حتماً لن تؤتي أكلها بين يوم وليلة، كما انها لن تحقق فوائدها المرجوة ما لم يكن ثمة رؤية استراتيجية تتجسد في مشروع وطني، لا تجعل المشروع التنموي عرضة للعثرات.. وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بإقالة عثرة الاعتماد على سلعة النفط اعتماداً شبه كلي، والأمر الأكثر أهمية إقالة عثرات الحلول ذاتها من مستوى التقليد إلى مستوى الإبداع، من مستوى التبشير بالحلول النظرية الجاهزة إلى مستوى قراءة كل الخيارات الممكنة. جاء في كلمة محافظ مؤسسة النقد أمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إبان تسلمه التقرير السنوي لمؤسسة النقد العربي السعودي عن أداء الاقتصاد السعودي للعام 2005 تأتي هذه النتائج الاقتصادية الإيجابية رغم التحديات المحيطة سواء كانت خارجية أم داخلية، وتشكل التركيبة السكانية للمملكة أبرز التحديات الداخلية حيث تتجاوز شريحة الشباب السعودي (ذكوراً وإناثاً) الأقل من 30عاماً نسبة 60في المائة من السكان السعوديين، ما يعني ضرورة مواصلة الجهود المكثفة لبناء الإنسان علمياً وصحياً وفكرياً من أجل القيام بدوره التنموي المستقبلي على أكمل وجه . في حين كشفت دراسة نفذتها وزارة العمل السعودية بالتعاون مع المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني لمعرفة مستوى البطالة في البلاد، أن هناك 37% من العاطلين عن العمل من حملة شهادة الثانوية العامة فيما بلغت بين أوساط الجامعيين 36%. أما ترتيب الجامعات السعودية المتقدم بدرجتين عن آخر جامعتين في العالم الصومال وجيبوتي وفق تصنيف الثلاثة آلاف جامعة في العالم، أو خلو قائمة تصنيف أفضل 500جامعة في العالم فتلك أيضاً قصة أخرى، وبغض النظر عن معايير التصنيف المختلف عليها، إلا انها تشير إلى أن ثمة خللا لا بد من معالجته. فلا يمكن أن يكون هذا التصنيف في نتيجته الأخيرة سوى رهن معايير لا يمكن لأي جامعة في العالم أن تخلو منها أو تتخلى عنها. تربط المسألة التنموية بعاملين أولهما موارد مالية كافية لمواجهة حاجاتها، وقوى بشرية قادرة على مواجهة أعباء التنمية ومتطلباتها. وتصبح القوى البشرية المعطلة مشكلة تنموية بحد ذاتها ناهيك انها مع الوقت تصيب المجتمع بالعجز نتيجة لتراكم هذا العطل بكل ما يخلف من أمراض اجتماعية وقلاقل أمنية، فهي مع الوقت تصبح عثرة كبرى تحتاج حلولاً عاجلة وهكذا. متوالية هندسية تتضخم وتتراكم ما لم تكن هناك فعلاً حلول مجدية ومعالجة شاملة لأخطاء تلك التراكمات طالما تركت لعامل الوقت أو عامل الحلول النظرية الجامدة أو تلك التي لا تتسم بدرجة كافية من التخطيط المدروس. وكذلك المال بكل فوائضه إذا لم يوجه توجيهاً رشيداً وحكيماً وأميناً لخدمة التنمية فلن يكون سوى هدر كبير لا يمكن تعويضه ولا ضمانة لاستعادته طالما كان مصدره الوحيد عرضة للتذبذبات اليومية والاحداث السياسية ناهيك انه من مصدر ناضب لا محالة يوماً من الايام. العلاقة بين المال والابداع علاقة لا تعني ان توفر المال كاف لصناعة عقل إنسان مبدع، لكنه قادر بتوفر عناصر أخرى اكثر اهمية على توفير الفرصة لتوليد كفاءات وطاقات بشرية مثابرة ومنتجة وأخرى مبدعة. الابداع - بكل تجلياته - طالما كان الشرارة ال