لكي تؤتي الموازنة ثمارها
Date
2009-12-26xmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-hijriCreated
14310109Author
Abstract
لكي تؤتي الموازنة ثمارهاد. مقبل صالح أحمد الذكير ما زال المولى - عز وجل - يفيض علينا بنعمه باطنة وظاهرة، ومن هذه النعم العظيمة تيسيره لأحوالنا الاقتصادية التي جعلت بلادنا تتحمل صدمة وآثار أزمة المال العالمية بأوجاع اقتصادية أقل بكثير من غيرنا. ونسأله تعالى أن يمن علينا فيوفقنا على شكره حق الشكر، فبهذا تدوم النعم. أكرمنا الباري في السنوات السابقة لأزمة المال العالمية، فتحققت لنا فوائض مالية ضخمة مكنت بلادنا من أن تكون قادرة على حماية الاقتصاد من تبعات هذه الأزمة، فتبنت الحكومة سياسة مالية توسعية تزيد فيها النفقات العامة بأكثر من الإيرادات المتوقعة، لكن دون الحاجة لتوليد دين عام ضخم كما جرى في كثير من دول العالم ذات الاقتصادات القوية. فمع أن الموازنة الجديدة جاءت بعجز للسنة الثانية على التوالي، إلا أنه عجز بسيط إذا قورن باحتياطات البلاد الضخمة من الموجودات الأجنبية والبالغة حاليا نحو 1.5 تريليون ريال سعودي تقريباً. والعجز عند الاقتصاديين في ظل الظروف الراهنة يعني إصرار الحكومة على استمرار برامج الإنفاق الطموحة على الرغم من التراجع الكبير المتوقع في دخل الحكومة نتيجة الانخفاض الحاد في أسعار النفط. وهي تأتي رغبة من الدولة في استمرار تعزيز الإنفاق على التنمية البشرية وعلى تنمية الخدمات التعليمية والصحية والبلدية بشكل متوازن قطاعيا ومناطقيا، من أجل تدعيم الثقة بالاقتصاد الوطني في ظل ظروف دولية استثنائية. والمأمول أن تساعد هذه الاعتمادات في تحسين معيشة الناس وتوفير مزيد من فرص العمل أمامهم. لكن العمل الأصعب يبدأ بعد اعتماد الميزانية. إن نجاح دول صغيرة في الإدارة الاقتصادية الفذة يعطينا بارقة أمل قوية في أن النجاح لا يقتصر على الدول المتقدمة اقتصاديا فقط. لذلك فنحن في حاجة - بجانب المال- إلى إدارة فذة لهذه الأموال، تتبنى أساليب إدارية مرنة، وأفكارا تنموية محفزة، وبيئة قانونية وتنظيمية متطورة. لقد تبدلت اهتمامات الناس، وتغيرت تطلعاتهم، وزاد وعيهم، فلم يعد يهمهم كثيرا ضخامة الأرقام أو نوع السياسة المالية بقدر ما يهمهم تأثير هذه الاعتمادات والسياسات في نهاية المطاف في مستوى معاشهم. فالاعتمادات والمشاريع التي لا تسهم في تقديم حل استراتيجي دائم للاختناقات المتأزمة التي يعانونها في قطاعات الإسكان والتعليم والصحة، وتلك التي لا تولد فرص عمل جديدة للمواطنين، وإنما تولد فرصا تستفيد منها شركات وأيد عاملة أجنبية، لن تهمهم كثيرا. التنمية لم تكن يوما مجرد زيادات كمية في مخصصات الإنفاق العام، بقدر ما هي أيضا إدارة ونظام. إننا نعلم أن معدلات النمو الإيجابية في القطاع غير النفطي، ما كانت لتكون لولا نمو القطاع النفطي ذاته! وسيظل الحال كذلك ما لم يتغير هيكل اقتصادنا وطبيعته من اقتصاد ريعي يعتمد على استخراج وتصدير الثروات الطبيعية إلى اقتصاد إنتاجي قادر على توليد قيم مضافة إلى هذه الثروات. كنت قد كتبت قبل عامين متمنيا أن نستهدف مجالا أو اثنين ونعطيهما أقصى تركيز واهتمام نوعي يتعدى مجرد الزيادة التقليدية في الاعتمادات المالية. كأن نركز مثلا على قطاعي التعليم والخدمات. ففيما يتعلق بالتعليم علينا تبني خطة شبيهة مثلا بخطة كوريا التعليمية K-12. واليوم يحدونا الأمل أن يضطلع بهذا الدور المحوري، برنامج ''تطوير'' التعليمي الذي يحظى برعاية ملكية شخصية من لدن خادم الحرمين الشريفين -أعزه الله - ويمكن أيضا أن نوجه عناية خاصة وجهودا نوعية لقطاع الخدمات بمفهومه الواسع ليكتسب مع مرور الوقت ميزة نسبية تسمح بزيادة مساهمته في الدخل الوطني. كخدمات الحج والعمرة، والخدمات المصرفية والمالية، وخدمات التأمين، وخدمات السياحة الصحية. وهي قطاعات يمكن أن تكون أكثر جذبا لقوى العمل الوطنية الجديدة في السنوات المقبلة، وتستفيد في الوقت ذاته من ميزة اتساع السوق السعودية في المنطقة. ستنجح الموازنات السنوية في تحقيق الأهداف الاقتصادية الكلية عندما تكون هذه الموازنات ترجمة سنوية لخطط تنموية مدروسة. ولن ننجح في بلوغ ذلك، إلا من خلال امتلاك رؤى واضحة وعزائم ماضية تسعى بلا كلل للوصول بالبلاد إلى ما نرغب أن يكون عليه اقتصادنا، من خلال دعم ذلك بأساليب إدارية حديثة، ومظلة قانونية مشجعة، توفر بيئة صالحة لتبني الاستثمارات النافعة المولدة لفرص العمل أمام الناس، وتشجع قيام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي تضمن توسيع مساهمة الطبقة المتوسطة في المجتمع، التي تعد قوام أي مجتمع وتؤدي فيه دورا حاسما في ديمومة وحيوية الاقتصاد الوطني. هذه الطبقة التي نخشى أن تكون قد أخذت في التآكل والتراجع في الفترة الأخيرة. إننا أمام مفترق طرق، وتحديات جسام، وعلينا النهوض ببلدنا، والخيار في أيدينا، والتاريخ ينتظرنا ليحكم لنا أو علينا.
Publisher
صحيفة الاقتصاديةVideo Number
484399Video subtype
مقالxmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-Issue
5920The name of the photographer
مقبل الذكيرDate Of Publication
20091226Spatial
السعوديةكوريا الجنوبية
الرياض - السعودية