الملك عبدالله ودبلوماسية الصمت الإيجابي

Abstract

يثبت الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله يوماً بعد يوم عظمة القيادة في المملكة العربية السعودية وأصالتها وانطلاقها من منطلقات شرعية وسياسية ثابتة لا يمكن لأحد المزايدة عليها. لقد مرّت الأمة العربية والإسلامية عبر تاريخها الحديث بأزمات عصفت بالكثير من الأنظمة والقيادات والتوجهات في حين تبقى القيادة السعودية راسخة متجذرة لا تهزها العواصف، تعالج الأزمات وفق منهجية ثابتة وليس وفق الأهواء أو ردود أفعال أو مصالح آنية مبتعدة عن الضجيج والحملات الإعلامية الرعناء التي تستلب عواطف الجماهير وتدغدغ مشاعرهم، فالمنهجية السعودية تعمل بصمت لتحقيق مصالح الأمة العليا وتضحي في سبيل ذلك بمصالحها الخاصة سواء أكانت مالية أو سياسية أو إعلامية، بل إنها تخسر في بعض الأحيان رضا الشارع المحلي أو الإقليمي أو الدولي في سبيل تحقيق مصالح أعلى للأمة، في حين تضحي بعض الأنظمة بمصالح الأمة للوصول إلى مكاسب متوهمة، بل إن بعض الأنظمة التي تتصف بالمراهقة يكفيها مكسباً رضا الشارع ولو أدى ذلك إلى هلاك الأمة وتدمير مقدراتها وتأخير نهوضها وتعطيل عجلة التنمية فيها. جاءت أزمة غزة، ولن نناقش مسبباتها الآن، ولن نحدد الطرف الملوم، فوجدت بعض التوجهات المراهقة سواء أكانت تمثل دولاً أو أحزاباً أو تنظيمات أو شخصيات فكرية ودينية وسياسية، وجدت فيها مطية لتحقيق مآربها وتثوير عواطف الشارع العربي والإسلامي وتصفية الحسابات مع مخالفيهم، إلا أن المملكة العربية السعودية أبت إلا أن لا تلتفت ولا ترضخ للضغوطات مهما كانت محلية أو إقليمية أو دولية، وسارت وفق قواعدها الشرعية الثابتة، فكانت أسمى من الجراح وأكبر من ردود الأفعال، لأنها دائماً تؤمن بالفعل لا رد الفعل، وتؤمن بالعمل لا بالقول فقط، وراهن الكثيرون على موقف المملكة، ووجهت السهام لها صراحة أو تلميحاً من الأعداء الظاهرين أو بعض ذوي القربى محلياً وإقليمياً ودولياً، ولكن لم تلتفت لكل ذلك لأنها أكبر وأسمى وأنضج من المراهقات السياسية والفكرية والإعلامية، فمنذ اليوم الأول لأحداث غزة الجريحة والمملكة العربية السعودية تعمل بجد وصمت عبر العديد من القنوات الدولية والإقليمية، واستنفرت رجالها للعمل ليل نهار لعلاج الوضع ونصرة أشقائنا في غزة، فلا يمكن أن يُنسى الدور الذي قام به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز منذ اللحظة الأولى ومنذ اندلاع الأحداث باتصالاته وضغوطه على....