على طريق الإصلاح .. هيئة لمراقبة الأداء الحكومي

Abstract

تمر المملكة العربية السعودية خلال هذه الفترة بعصرها الذهبي اقتصادياً ومعنوياً و إصلاحياً، والخطوات الكبيرة التي تتبناها حكومة خادم الحرمين في الاستفادة القصوى من هذه المرحلة في إصلاح اقتصادي وإداري مستدام هو أمر يدركه القاصي والداني. ولا شك أن هذا الجهد وهذا التوجه الإصلاحي هو إدراك كبير لأهمية هذا الموضوع وكذلك استغلال للظروف التي تعيشها في سبيل بناء بيئة اقتصادية وإدارية صحية وسليمة لبناء دولة متنوعة الاقتصاد نظامية الأداء على أساس النتائج والنتائج فقط. وهذا التوجه نكاد نجزم أن القيادة العليا تتابع جميع الأمور التي تفرزها متغيرات الأوضاع في جميع الدوائر الحكومية إما خلال الجلسات الأسبوعية لمجلس الوزراء وإما من خلال الحرص الشخصي لخادم الحرمين على المتابعة المستمرة لكثير من الإجراءات الحكومية وحرصه، حفظه الله، على تيسير حياة المواطنين في جميع نواحي الحياة. إضافة إلى ذلك فإن الجهد الكبير الذي يبذله مجلس الشورى في مراجعة الكثير من القرارات الوزارية وكذلك استضافة بعض المسؤولين ومناظرتهم هو طريقة أخرى لمتابعة الأداء الحكومي وإن كانت هذه المتابعة ليست على أسس زمنية محددة إلا أنها تأكيد للتوجه العام للدولة. ونتذكر هنا اللجنة الوزارية للإصلاح الإداري و الأدوار التي أنيطت بها خلال فترة تأسيسها ولسنا هنا لنقيم نجاح تلك التجربة من عدمها ولكن للاستشهاد، إن هناك توجها ونية صادقة لدى القيادة لتطوير العمل الحكومي, لأن الإصلاح الإداري هو في نهاية المطاف إصلاح لجميع نواحي الحياة الاقتصادية منها والاجتماعية. والمعاناة التي يواجهها الجميع في مراجعة الدوائر الحكومية وارتفاع مستوى البيروقراطية وانتشار الفساد الإداري تكاد تكون تجربة مر بها الجميع إلا القليل، ولو عملنا إحصائية لعدد المرات التي يستأذن فيها موظف دائرة حكومية لينهي معاملة شخصية واحدة في دائرة حكومية أخرى لرأينا العجب العجاب، على سبيل المثال، انظر عدد مكاتب الخدمات العامة في المملكة (التعقيب) وعدد الموظفين الذين يعملون فيها والمبالغ التي يتقاضونها والتي أكاد أجزم أنه لا يوجد مثيلها في العالم. لماذا يوجد لدينا مثل هذا الكم من المعقبين؟ ولماذا دائما نحتاج إليهم؟ لمعرفة الجواب قم بزيارة لأحد الدوائر الحكومية التي تتعامل مع الجمهور لترى التعقيد والتمطيط والتمديد والمزاجية و....... إن هذا الكم الكبير من المشاكل الإدارية يجعل من الحاجة إلى غربلة إدارية لكثير من تلك الدوائر حاجة ملحة لضمان التطور والإصلاح الذي تسعى الدولة إلى تحقيقه ليس لهدف التغيير وإنما لتعزيز نظرية الإصلاح من جميع جوانبها ولا شك أن جميع الأمور التي ذكرتها في ثنايا مقدمة الطرح, هي بمثابة وقود لتأكيد الحاجة الماسة إلى نظرة أكثر شمولية وكذلك أكثر واقعية لواقع الحال في الدوائر الحكومية المختلفة, وحين نقول الدوائر الحكومية فإننا بلا شك نقصد التغيرات القيادية التي تعتري تلك الدوائر من حيث تعيين وزراء جدد يبدأون بالوعود وينتهون بالاصطدام بالوقع البيروقراطي والفساد الإداري وغيرها من أسباب التخلف الإداري. إن الحاجة إلى هيئة لتقييم الأداء الحكومي خلال الفترات الوزارية المتلاحقة أصبحت حاجة ملحة في ظل سعينا إلى تطوير الاقتصاد وبيئة الاستثمار, وهنا الموضوع لا يحتاج إلى وزارة مستقلة, كل ما نحتاج إليه هو أن نسّخر بعض الأجهزة الحكومية والخاصة لتكون بمثابة لجنة تقييم لأداء الوزارات وأن تكون هناك استراتيجية واضحة يقدمها كل وزير جديد يوضح فيها خططه للسنوات الأربع المقبلة من حقيبته الوزارية, وتكون هناك معايير محددة لتقييم الأداء KPI داخل الوزارات المختلفة. صادقاً أتمنى أن يكون لدينا جهاز رقابي محترف يرصد العوائق ويقلل الأخطاء ويقضي على الفساد ويضعنا على طريق الإصلاح الإداري الصحيح وللاستفادة مما نعيشه اليوم من رخاء اقتصادي وفكر إصلاحي لبناء مستقبل أكثر إشراقاً ونموا أكثر استدامة.