مسافة بين فرحتين

Abstract

أضعف الإيمان - مسافة بين فرحتين داود الشريانداود الشريانقبل ثلاثة عقود نشرت الشاعرة والكاتبة السعودية فوزية أبو خالد مقالاً تاريخياً في مجلة «اليمامة» تحتفي به بصدور أحكام ضد النساء اللواتي شاركن الرجال في قضية احتلال الحرم المكي العام 1980. ورأت الكاتبة في ذلك المقال، ان الأحكام تشكل اعترافاً مهماً بالمرأة التي كانت التقاليد تتعامل معها كتابع هامشي، لا يستحق النظر اليه كشخصية مستقلة ولو شارك في جريمة.ترى ما رد فعل الكاتبات والصحافيات السعوديات اليوم، على الأمر الملكي الذي أصدره الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بالعفو عن الإعلاميتين السعوديتين، روزانا يامي وإيمان الرجب، المتهمتين بقضية «المجاهر بالمعصية»، وإسقاط كل التهم ضدهما، وإحالة القضية على وزارة الثقافة والإعلام، في خطوة عززت قوانين التقاضي بمخالفات النشر، وحماية دور المرأة في المجتمع. لا شك في أن الفارق كبير بين الفرح بصدور حكم ضد امرأة، لأنه مجرد اعتراف غريب بكينونتها، وبين الفرح بالعفو عن صحافية لأنه يكرس الاعتراف بدورها ويحميه، ويفتح امامه آفاقاً واسعة. وعلى رغم ان الفرح القديم، على مرارته، كان مبدعاً وخلاقاً، ومؤسساً للفرح الجديد، الا ان الفرح الجديد المفعم بالأمل والتفاؤل، كان انتصاراً واستجابة تاريخية للفرح القديم، الذي كان ناقصاً وموجعاً، وإن شئت درامياً ومفزعاً، على رغم انه فرح.الأكيد ان الملك عبدالله بن عبدالعزيز عاود صوغ معنى الفرح ودلالاته في وجدان النساء السعوديات، وجعلهن يستبدلن الزغاريد بالدموع، ونزع من وجدانهن شعور المرارة التي عبرت عنها الشاعرة أبو خالد، وهي تحاول ان تفرح بالعقوبة ذات يوم. فخطوة الملك عبدالله رتبت معنى الاعتراف بدور المرأة، وأصبح الملك يستقبلها في مكتبه في الديوان الملكي، بصفتها شريكة في العمل وصنع القرار، وعلى قدم المساواة مع الرجال. وهو اتخذ خطوة رمزية، لكنها تاريخية وعظيمة الأثر، يوم أمر بالسماح لخريجات الجامعة بحضور الاحتفال بتخرجهن، ومشاركة الطلاب ذلك اليوم المشهود في حياة كل طالب وطالبة. وكانت الطالبة السعودية في الماضي تتسلم شهادة التخرج بسرية، وعلى طريقة عقود زواج المسيار. وحين يكتب تاريخ المرأة السعودية سيجد المؤرخون ان اسم عبدالله بن عبدالعزيز هو عنوان هذا التاريخ وصانعه.