لحظة تقديم كشف الحساب
Date
2009-12-22xmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-hijriCreated
14310105Author
Abstract
لحظة تقديم كشف الحساب عبدالله يحيى بخاري ظنت الأمانات والبلديات التي تعاقبت على جدة أنها لن تسأل عن شيء، وأنها تستطيع أن تفعل ما تشاء وتحول حياة المواطنين إلى عذاب وشقاء دائم دون أن يوقفها أحد. وبالفعل لم تكن أمانة جدة منذ أن عهدناها تلقي بالاً أو تهتم بأي نقد يوجه لها أو بما يكتبه الكتاب أو بشكاوى المواطنين وآلامهم، وتصدر فرماناتها وتعليماتها «القراقوشية» وكأنها امتلكت المدينة، أو كأنها تعيش في سمائها العليا.إلى أن جاء قرار خادم الحرمين الشريفين بتكوين لجنة تقصي الحقائق لمساءلة كل من تكون له علاقة بالكوارث التي حلت بجدة «كائناً من كان»، والرجوع بالتحقيق إلى عهود سابقة بقدر ما يحتاج الأمر لكشف الفساد وإصلاح الخلل، فوضع الأمور في نصابها الصحيح. لقد جاءت لحظة تقديم كشف الحساب.قد تحتاج اللجنة إلى بعض الوقت لنبش الأحداث الماضية وكشف الحقائق، ولكن يجب ألا يتوقّع البعض أنه بمجرد أن تنقشع الغيوم وتشرق الشمس سيذهب كل شخص إلى سبيله دون عواقب، وإن كنا نتطلع إلى درجة أكبر من الشفافية عن أعمال ونتائج اللجنة، إما عن طريق تقارير أسبوعية أو عن طريق متحدث إعلامي للجنة. ولكم أن تتصوروا الموقف لو تم تكوين مثل هذه اللجنة قبل خمسة وثلاثين عاماً مع إعطائها صلاحية تطبيق قانون من «أين لك هذا» الذي وُضع عام 1957م في عهد الملك سعود طيب الله ثراه. أما من الجهة الفنية، فقد يحتاج الأمر إلى إجراءات عملية فعالة وبالغة الأثر، بل وخارجة عن المألوف، مثل إنشاء هيئة ملكية لجدة، تخطط وتشرف على تنفيذ المشاريع الرئيسية والجوهرية التي يمكنها أن تنقذ جدة وسكانها من الكوارث المستقبلية، وتجنبها المزيد من التدهور والتخلف في خدماتها وعمرانها وبيئتها. فللأسف، حتى العناصر الطبيعية في جدة، مثل البحر والشواطئ والتلال والجبال والواجهة البحرية على طول المدينة، لم تسلم من الخراب الذي ارتكبته أيدينا.فمنذ البداية ونحن نعمل بارتجالية وعشوائية. أدّى التسرع وقلّة العلم والخبرة في إدارة وتخطيط المدن، ونقص الأنظمة، إلى نتائج سيئة تراكمت على مدى أربعين عاماً إلى أن وصلنا إلى ما نحن فيه من حال.وفي هذا المجال، أذكر الكثير من المواقف والأحداث التي كانت تخيفني وتدل على التسرع والارتجالية عندما كنت أخرج في رفقة معالي أمين جدة الأسبق سعيد فارسي في بعض جولاته الميدانية. فقد كنت أعود من حين لآخر إلى جدة أثناء تحضيري لرسالة الدكتوراه في العمارة والدراسات العمرانية في إحدى الجامعات الأمريكية، إذ كانت رسالتي عن البناء الحضري والعمراني لمدينة جدة، وكنت ألجأ إليه للحصول على الوثائق والمعلومات عن جهود الشركات العاملة في تخطيط وتطوير مدينة جدة حينذاك، والمخططات الشاملة والهيكلية التي وضعت في تلك الفترة من نهاية السبعينات الميلادية. وكنت كثيراً ما أشير عليه بوضع نظام خاص للبناء في جدة وتحديد استخدام المواد والألوان والارتفاعات والعلاقات بين العناصر العمرانية والمدنية والخدمات .. إلى آخر ذلك، لكي تعمم على المكاتب الهندسية والبلديات الفرعية للالتزام به، فيرتاح ويريح المواطنين.ولكن غادر محمد سعيد فارسي منصبه كأول أمين لجدة، وترك الأمانة للأسف دون أي نظام داخلي واضح ومتكامل تعمل بموجبه الأمانة وفروعها، ويكون أساساً جيداً لتطوير نظام بناء وتخطيط شامل لجدة، يمكن تحديثه كل خمسة أعوام أو كلما ظهرت الحاجة لذلك. قد يكون له عذره في ذلك إذ كان متعجلاً في تطوير جدة الحديثة. ولكن ذلك الاستعجال والارتجال في العمل هو ما أدى تدريجياً ومع تراكم الأخطاء بعد ذلك إلى الحال الحزين الذي تعاني منه جدة الآن.قلت سابقاً وأكرر إن قمة نجاح مخطط وإداري المدينة هو أن يجعل سكانها «يعشقون» مدينتهم ويسعدون بالبيئة التي يعيشون فيها، وذلك بجعلها بيئة ممتعة وجذابة وصحية وآمنة وحيوية، تشجع على الانتماء إليها وترفع من مستوى التهذيب الحسي والاجتماعي والخلقي لساكنيها، وتصرفاتهم المجتمعية. غير أن أمانات جدة المتعاقبة نجحت بامتياز في جعل سكان جدة «يكرهون» عيشتهم ويخشون على أنفسهم وأبنائهم من أخطار بيئة مدينتهم. لا أستغرب أبداً عندما ألاحظ أن غالبية سكان جدة يعانون من حالة عصبية ونرفزة شبه دائمة، يفتقدون الصبر والتسامح وهدوء النفس.للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 129 مسافة ثم الرسالة
Publisher
صحيفة عكاظVideo Number
616759Video subtype
مقالxmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-Issue
15823The name of the photographer
عبدالله بن يحيي بخاريDate Of Publication
20091222Spatial
السعوديةجدة - السعودية
جدة - السعودية