تنظيم الفتوى

Abstract

تحولت الفتوى الى سوق. وصل الأمر الى تسيّب أثار قلقاً شرعياً وأمنياً واقتصادياً واجتماعياً، فاستدعى تدخلاً رسمياً لضبط مهمة الإفتاء، ومعاودة التأكيد على دور هيئة كبار العلماء، ومسؤوليتها الشرعية والتاريخية عن هذا الجانب المهم في حياة الناس، ووضع نظام يحدد المؤهل للتصدي لهذه المهمة، ويحمي المجتمع من الاستغلال باسم الدين. لكن هذا التظيم، الذي طال انتظاره ولقي ترحيباً واسعاً من المجتمع والعلماء، لم يجد حماسة من بعضهم، فأثار قضية ضمانات حماية استقلال الفتوى وصدقيتها، وحذّر من نشوء سوق سوداء وسرية للفتوى (؟) وجعل تنظيم الفتوى مدعاة للسيطرة على الاجتهاد، مفترضاً أن الدولة شيء والمؤسسة الدينية شيء آخر، على رغم عدم منطقية ومشروعية هذا التفريق في دولة مثل السعودية. لا شك في أن الدولة هي المسؤولة عن تطبيق شروط المفتي المذكورة في أصول الفقه ومحاسبة المتعدي عليها، والمصادر الشرعية تشير الى منع المفتي الماجن والجاهل، كما ان كتب التاريخ حفلت بأسماء علماء زهدوا بالتصدي للفتوى، واعتبر بعضهم الجلوس لها ابتلاء، فضلاً عن ان معظم مواضيع الفتوى اليوم تداخلت مع العلوم المختلفة باتساع هائل وشديد التعقيد. لهذا يصعب على فرد، مهما كانت قدراته الشخصية وعلمه، الإحاطة بها، فكان لا بد من معاودة التمسك بنظام المؤسسة، الذي يتيح رؤية جماعية، ويسمح باستيعاب المتطلبات العلمية والفنية الضرورية لصحتها، ويجعل أصحاب العلوم جزءاً من مؤسسة الفتوى، ويحميها من الهوى والخطأ، ويضمن توافقها مع أصول الاجتهاد ومكونات العلم الشرعي. لا شك في أن تنظيم الفتوى سيفضي الى وقف استخدامها لتمرير مصالح سياسية واقتصادية، وسيعيد اليها اطمئنان الناس وثقتهم بها. كما ان التنظيم الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز سيقطع الطريق على تنظيمات الاسلام السياسي، ويمنعها من أن تستخدم الفتوى لتبرير تطرفها، وسيسهم في تنظيم القنوات والمواقع الإسلامية، التي جعلت من برامج الإفتاء وسيلة مهمة للوصول الى الناس، وتمرير مضامين ورسائل سياسية واقتصادية وفكرية وإعلامية باسم الدين. - الحياة اللندنية تعليقات