سياسة «المجالس المفتوحة» في المملكة

Abstract

سياسة «المجالس المفتوحة» في المملكةد.عبد الله إبراهيم المنيف منذ تأسيس المملكة على يد الملك المؤسس عبد العزيز انتهج - طيب الله ثراه - أثناء مرحلة التأسيس وبعدها أسلوباً قويماً ومنهجاً سديداً, واعتبر منذ ذلك التاريخ سمة من سمات نظام الحكم من المملكة, وهو ما سمي لاحقاً في علوم السياسة منهج وسياسة ''الباب المفتوح'' أو ''المجالس المفتوحة''، الذي يتمحور في لقاءات مباشرة لولاة الأمر مع المواطنين، والقيام بالجولات التفقدية الميدانية. وتتجلى سياسة الباب المفتوح في سياق الأقوال المأثورة للملك عبد العزيز وفي سيرته, حيث وصف الزركلي مجلس الملك بقوله: ''كان للملك أوقات مخصصة لمجلسه العام، يدخله فيها كل قادم عليه..''. وبعد تولي الملك فهد بن عبد العزيز - رحمه الله - مقاليد الحكم في المملكة خصص مجلسا أسبوعيا يستقبل فيه عموم جمهور المواطنين يطلع من خلاله على أحوالهم ويتلمس احتياجاتهم, إضافة إلى مجلس آخر لمقابلة العلماء والمسؤولين. وتميز مجلس خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بمميزات منها افتتاح المجلس بقراءة آيات من الذكر الحكيم وشرح معانيه ودلالاته, كذلك تميز مجلسه - حفظه الله- بالحكمة والشفافية والدروس والعبر في أسلوب الإدارة والقيادة الفذة، وكيفية التعامل مع شرائح مختلفة من أطياف المجتمع من أرجاء المملكة كافة. وتعد سياسة الباب المفتوح إحدى دعائم الحكم السعودي, فقد نصت المادة الثالثة والأربعون من النظام الأساسي للحكم على أن ''مجلس الملك وولي العهد مفتوحان لكل مواطن ولكل من له شكوى أو مظلمة''، والمجالس المفتوحة لها دور عظيم في علاقة المواطن بالمسؤول, وذلك من خلال استقبالات الملك وولي العهد والنائب الثاني وأمراء 13 منطقة.. ففي كل يوم يستقبلون مراجعين سعوديين ووافدين. وهذه اللقاءات المفتوحة تعد اليوم من أبرز آليات العمل اليومي لدى خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين والنائب الثاني, وهي تعكس لغة التخاطب بين الحاكم والمحكوم والقائد ومواطنيه بما فيها من بساطة وانفتاح وعفوية وشفافية .. وسياسة (الباب المفتوح) أتاحت فرصة تفاعل حقيقية مع قضايا وهموم المواطن من كثب. ورغم العملية النكراء التي استهدفت الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، جدد الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية التأكيد خلال لقائه المفتوح مع رجال الأعمال في الغرفة التجارية الصناعية في جدة قائلاً: ''.. نحن مؤمنون بأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، وأن هذه الأحداث لن تغير نهجنا، وأبواب خادم الحرمين الشريفين وولي عهده مفتوحة للمواطنين يقابلون المئات منهم، والله هو الحافظ ولن نغير قاعدة حسنة من أجل حادث شخصي، والإنسان يموت في فراشه، ولن يكون هناك خوف إلا من الله وحده..''. ويؤكد الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض خلال استقباله وفد جامعة هارفارد ''أن حكومة المملكة العربية السعودية تنتهج سياسة الباب المفتوح بين المسؤول والمواطن, وهو أمر تكاد تتميز به المملكة بما يتيح التعرف من قرب على آراء المواطنين وتطلعاتهم واحتياجاتهم''. ولعل مقارنة أولية بين هذا التوجه وأوضاع كثير من البشر في دول العالمين الأول والثاني تضعنا وجهاً لوجه أمام حقيقة لا يختلف عليها اثنان, وهي أنه لا توجد حالة تلاحم بين قيادة وشعبها ربما تماثل حالة التلاحم الأزلي الذي تعيشه المملكة, فهموم المواطن أولوية على الأجندة الملكية ليل نهار.. وأصبحت العلاقة الفريدة المميزة بين السعوديين وقيادتهم, وحبهم وولاؤهم وانتماؤهم سمة يتميزون بها عن غيرهم من الشعوب الأخرى. ويعد كتاب ''المجالس المفتوحة والمفهوم الإسلامي للحكم في سياسة المملكة العربية السعودية'', الذي تضمن تقديما للأمير سلمان بن عبد العزيز لمؤلفه الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز نائب أمير منطقة القصيم .. يعد من المراجع المهمة القيمة التي تتناول بالتعليل والتحليل ماهية المجالس المفتوحة في المملكة، ويبرز أهميتها بالدراسة الموضوعية المتميزة بالاستيفاء والتكامل، مدعما بعدد كبير من المراجع الموثوق بها, ويهدف إلى التعرف إلى السمات الرئيسة لسياسة الباب المفتوح وخلفيتها التاريخية .. التي كما يقول المؤلف ''.. تستجلى جوانب هذا الموضوع وتبين واقعا عظيما وجانبا مجهولا عن المملكة العربية السعودية..''. وأختتم بالقول إن سياسة المجالس المفتوحة .. هذا النهج السعودي الفريد ستظل جوانبها تستقطب الباحثين بما تقدمه من مادة علمية ثرية وقيمة للدراسات والبحث العلمي .. وأتمنى أن نرى دراسات وأبحاثا عنها تكون مرجعا وذخيرة نفيسة للباحثين والدارسين.