دعوة المليك عبدالله نحو السلام والوئام بين الفلسطينيين

Abstract

أطلق خادم الحرمين الشريفين في الأسبوع الماضي دعوة صادقة لكل من حركتي فتح وحماس للقاء في رحاب البيت الحرام في مكة المكرمة، لإيجاد حلّ سريع ينقذ الفلسطينيين من مأساة الاقتتال الحالية التي حصدت قرابة أربعة وثلاثين قتيلاً، بين هاتين الحركتين المتنافستين على السلطة في أرض تحتلها إسرائيل وتقضم المزيد منها يوماً بعد يوم. هذه الدعوة المخلصة من قيادة المملكة ليست الأولى من نوعها، فقد حرصت القيادة السعودية دوماً على درء النزاعات، وإنهاء الاختلاف بين الدول العربية، وإطفاء نار الفتنة التي ما تفتأ تظهر صورتها المقيتة بين فينة وأخرى في ديار عربية وإسلامية متعددة. ومثل هذه المساعي الخيّرة يُعلن عن بعضها، بينما يبقى بعضها الآخر طي الكتمان ولا تتداولها أجهزة الإعلام والصحف رغم نجاحها. ولعليّ أُذكّر هنا بالوساطة الخيّرة بين أطراف الحرب الأهلية في جمهورية مالي الإفريقية في بداية التسعينات، حين قام كل من إمام الحرم المكي الشيخ محمد بن عبدالله السبيل، ومعالي الدكتور أحمد محمد علي، رئيس البنك الإسلامي للتنمية، وبدعم من الحكومة السعودية، بعدّة زيارات إلى ذلك البلد، ونجحوا في حقن دماء المسلمين فيه وإنهاء الحرب الأهلية التي كادت تلتهم المزيد من المواطنين المسالمين، الذين يستحقون الأمن والأمان. ونجحت تلك المساعي والجهود الحثيثة للساسة في مالي ومنهم فخامة الرئيس ( ألفا عمر كوناري) الرئيس الحالي لمنظمة الوحدة الإفريقية في إنهاء تلك الحرب الأهلية المأساوية. وبذلت المملكة جهوداً جبارة في سبيل إنهاء الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت زهاء خمسة عشر عاماً، وقتل فيها حوالى مائة وخمسين ألف نسمة، وكان ذلك في مؤتمر الطائف الذي حضره معظم الزعماء اللبنانيين. ولا شك أن الأمن والاستقرار الذي عاشه سيرعى الله لقاء الفلسطينيين في البيت الحرام ليحقنوا الدماء البريئة لبنان في أعقاب تلك الحرب، يعطي صورة زاهية لبلد يتقدم ويبني نفسه من جديد، بسواعد أبنائه ودعم أصدقائه، ولكن كذلك بإرادة سياسية لبنانية محضة لإحلال السلم والتوافق محل الاستقطاب السياسي والصراع. ويوشك، للأسف، مثل ذلك السلم أن ينتهي إذا لم يتدارك الزعماء اللبنانيون الحاليون أمورهم ويحتكموا إلى العقل والحكمة، بدلاً من الغوغائية والاحتكام إلى الشارع واستقطاب الناس، الذين يصبحون في النهاية وقوداً للحرب. ومثل هذه المبادرات السلمية، سعت بها القيادة السعودية....