الوطن.. فوق كل شيء.. الشعار الجديد للسعوديين

Abstract

ليس فقط بسبب عدم وجود ناطحات سحاب أو أبراج شاهقة على طريق الدائري الشمالي بالرياض، يصبح المعلم الأبرز الذي تشاهده وأنت تسير بهذا الشارع.. هو مركز الملك عبدالعزيز للحوار للوطني، خاصة أنه لا يلفت النظر في مبناه ولا في هيئته المعمارية، لكنه يجذب بالعنوان العريض الذي تحمله اللوحات الإرشادية: مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني. كانت كلمة الحوار، والحديث حول الحوار والإقناع، وأهمية أن يظل الوطن فوق كل شيء، بعض أبرز المحاور التي دارت في حديث الملك في لقائه الأخير بالزملاء رؤساء تحرير الصحف المحلية يوم السبت الماضي. وقف الملك عبدالله بذاته وبشكل مباشر خلف هذا المشروع، ويتضح من الاسم التوصيف الفعلي لوظيفة ومهمة المركز (للحوار الوطني) وليس الحوار الفقهي أو الاجتماعي أو السياسي أو الإقليمي أو الدولي. هذا باختصار يعني الآتي: كل دوائر الحوار من دينية فقهية، أو اجتماعية أو سياسية أو غيرها تنطلق من أرضية يغلب عليها المختلف فيه، لكن حين يكون حوارا وطنيا، فإنه بالتأكيد سينطلق من أرضية يغلب عليها المتفق عليه، كالتالي: كل تلك الأمور سائغة للخلاف وللتعدد والتنوع، وفيما قبل زمن الدولة كان أي من تلك الخلافات يمكن وبسهولة أن يجر إلى عداء أو حرب أو قطيعة، لأن غياب المظلة الواحدة التي تجمع مختلف الأطياف يجعل من التنوع خلافا،ومن الخلاف عداء، لكن وجود تلك المظلة، يجعل الخلاف متاحا لأنه خلاف ستتم حمايته، وتحويله إلى تنوع وثراء بسبب ذلك المتفق عليه الذي لا يخضع لأي اختلاف. حول الوطن، والمواطنة، وحق الجميع في وطنهم، وتساويهم في حقوقهم، وحول الوطن وحدوده وحمايته، لا يوجد أي جانب وطني يختلف عليه أي من السعوديين، على الإطلاق، فلا خلاف حول موقع أي إقليم وانتمائه إلى الوطن، ولا خلاف حول أحقية كل سعودي وسعودية بأن يحظوا بكل ما ينعم به أي مواطن أو مواطنة غيرهم. وبالتالي فما دام المتفق عليه كبيرا وشاملا وقويا بهذا الشكل، فإن أي خلاف آخر، شريطة أن يكون تحت ذلك المتفق عليه هو خلاف ثري، يمكن أن يؤدي إلى كل ما هو إيجابي ومتنوع. اختلاف المذهب مثلا أو العشيرة أو الطائفة، يفترض أن يؤثر في شعائر الفرد أو مواقفه الروحية أو أفكاره وسلوكياته الخاصة التي لا تعتدي على غيره ، لكنه لا يمكن أن يمثل بالنسبة له دافعا لقطع إشارة مرور، أو لسرقة مال عام، أو لإنكار حقوق آخرين من أبناء وطنه أو التآمر على أبناء وطنه، أو التجييش....