على هامش الممكنات الراهنة
Date
2010-10-28xmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-hijriCreated
14311120Author
Abstract
لا نسعى لتحميل العلاقات الثنائية بين أي شعبين عربيين فوق طاقتها، ولا نستطيع تحويل وشائج الأخوة والجوار إلى شماعة تعفي الحكومة اليمنية من مسؤولياتها في خلق فرص استثمارية جديدة تستوعب الفائض عن الطلب الداخلي للعمالة المحلية، والذي تحدده مؤشرات النمو الاقتصادي على وتر العواطف العربية المشبوبة ترنحت آمال عريضة، لم يبق منها غير رجع صدى، يُذكَّر بخيبات الشعار البراق وانكسار اللاءات الحماسية المحمولة على أكتاف الغيورين والبسطاء الذين أُجلت معظم حاجاتهم التنموية على ذمة وهم التوحد حيناً، وخدع الانتصار في حين آخر. تعاقبت دورات الزمن، وتبدلت أحوال وتحديات العالم، فيما ركنت أمتنا العربية للدعة، وتفرغ كثير من نظمها السياسية لإدارة وتمويل صراعاتها البينية. لم ينته الأمر عند محطة فاصلة، ولا طبائع الأمة ورهاناتها أعادت تموضعها ضمن مسار التطور التاريخي للأشياء. ثمة جفاف قارس أحال المتخيل من الخيارات المستعصية إلى ثوابت متحجرة تعيق حركة الزمن، وتحجب حق الأمة في التغيير، وفقاً للفطرة، وتبعاً للنواميس الكونية. تبدو حالة الجفاف هذه ـ مثل جلمود صخر ـ إن لم تكن أشد تحجراً، إذ كلما دعت حاجات الأمة لمراجعات واعية، وإعادة نظر في مسلماتها &الكلاسيكية&؛ كلما تدافعت قوى الإعاقة باتجاه الندب، واجترار ذات الخيارات التي تعيد إنتاج شعاراتها القديمة، ومشروعياتها المتآكلة. مما لا ريب فيه أن الحكومات العربية إذَ تنشغل بالتفاصيل الصغيرة، والأحداث العابرة، فإنها تفعل ذلك على حساب التحولات التاريخية التي نادراً ما تتيحها أقدار أو تجود بها متغيرات. بيد أن التعميم يؤدي إلى اليأس، إذ كلما كانت الصورة مشوشة، كلما استدعت الحاجة ثقباً للضوء، وبحثاً عن أمثلة تشجع على التفاؤل، ولهذا أجد في العلاقات اليمنية السعودية المتنامية حالة استثنائية جديرة بالدراسة والاستخلاص. فعلى مدى خمس سنوات غزلت الأماني المؤجلة وعودها مع حقبة جديدة انفرجت معها عقد الأيديولوجيا وألغاز الجغرافيا وارتسمت على ملامح هذه الحقبة بدايات تدعو للأمل. إن للتاريخ سياقات ملتبسة، يمضيها البشر دولاً وشعوباً، تحت تأثير خيارات جدلية من تناقض مصالح وتقاطع مفاهيم واشتباك ثقافات، لكن التاريخ، يتخفف من أحماله على حين غرة، متى وضع الجدل استخلاصاته في صورة معادلات تفرض نفسها على الواقع، بصرف النظر عن عدالتها أو منطقية منطلقاتها. وفي هذا السياق لاحت....