الحوار الوطني وصناعة المستقبل

Abstract

الحوار الوطني وصناعة المستقبلكلمة الاقتصادية حينما أطلق خادم الحرمين الشريفين مبادرته قبل ثماني سنوات للحوار الوطني كفاعلية اجتماعية وفعالية في الوقت نفسه ورفع فوقها مظلة المؤسس لهذا الكيان العالي بمسمى «مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني» حينذاك دارت في بال المهتمين والعامة أسئلة حول الرؤية والهدف اللذين ينشدهما القائد (أبو متعب) من هذا المركز وهذا الحوار؟! اجتهد كل في تلمس إجاباته عما شغل البال من أسئلة، لكن المسيرة في مستهل انطلاقتها سلطت الضوء منذ أول لقاء للحوار الفكري الوطني على معالم الرؤية ومرامي الأهداف ومقاصدها وشيئا فشيئا، لقاء فلقاء شعشع وهج الحوار الفكري صاعداً من أعماق المواطنين وقضاياهم في مختلف المناطق، ولم تعد الرؤية سوى ما يثور من نقاش وسجال أخوي صادق وعميق بين مختصين ومهتمين في هذا الشأن الاجتماعي أو ذاك، تنقل وسائل إعلامنا أصداءه، كما لم تعد الأهداف سوى تداع مكثف للمرئيات التي يستخلصها كل لقاء في شكل نتائج وتوصيات. ها قد مرت السنوات، أنهى اللقاء الثامن للحوار الفكري دورته متوجاً إياها بشرف لقاء المشاركين فيه بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي عبّر عن امتنانه للخالق – سبحانه - في أن دعوة الحوار الوطني، ولله الحمد، عمت كل بيت وكل مكان في المملكة وشكرهم على ما قاموا به راجيا لهم التوفيق بما يخدم دينهم ووطنهم. إن مسيرة الحوار الوطني طافت بنواحي البلاد، وجعلت لها في كل محطة واحدة من قضايا التنمية الأساسية كالتعليم، والشباب، والحوار مع الآخر وغيرها سعياً لحشد تصور وطني بقاسم مشترك عام يعالج اهتمامات الوطن ومواطنيه بصيغة الجمع مثلما هو بصريح المواجهة عوضا عن أن يكون التصور مجرد رؤى معزولة واجتهادات فردية.. وهذا النهج أسفر عن تكوين مجموعة من التوصيات والنتائج يشكل مجملها خريطة طريق لتحول عميق شامل لمستقبل يملك أدواته العصرية ومؤهلاته النوعية على المستويين المعرفي والتطبيقي (أي) أطروحة وسلوكا.. وهذا بالتأكيد هو المنتظر والمطلوب أن يتم طالما هو ناجز على صعيد التوثيق في أمانة المراكز.. وبالتالي فالمهمة باتت تتطلب توزيع صلاحيات تنفيذ ذلك، كل جهة حسب اختصاصها، وربما تضافرت جهات عدة على ترجمة هذه النتائج والتوصيات، إنما قد يكون المجلس الاقتصادي الأعلى، ثم وزارة الاقتصاد والتخطيط معنيين بإدارة هذا المخزون الوثائقي من النتائج والتوصيات وتوجيهه، حيث ينبغي أن يكون، وحيث فعاليته أقوى وأسرع. ومع ذلك كله يبقى من المهم القول: إن وضع حجر الأساس لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني كمقر دائم وكعلامة حضارية لامعة في سماء الوطن في عاصمتنا الرياض يتعدى كونه صرحاً تنويريا إلى الإشارة من خلاله إلى الأهمية القصوى للنهج الحواري الذي كرسته القيادة لمواجهة قضاياها التنموية والمدنية واستنباط الحلول لها، للتأكيد على أن مركز الملك عبد العزيز مثلما هو رمز تآخ وتواصل لأفكار المواطنين ممثلين في المنتدبين فيه، فإنه في الوقت ذاته دعوة مفتوحة تتجاوز أسوار هذا المركز متسعا حتى حدود الوطن في كل نواحيه، ما يعني أن الحوار ليس مقصورا على من هم تحت قبته أو المكلفين ببرنامجه هنا أو هناك وإنما ينبغي أن يكون وصالا حيا دائما في القلوب والعقول بين المواطن وأخيه يحتوي أحدهما الآخر في ألفة وسماحة من أجل تقدم هذا الوطن واستقراره.