خذ الكيس

Abstract

فوجئت بأخبار وصور ازدحام بعض المواطنين الراغبين في الحصول على قروض من بنك التسليف وظننت أن بنك التسليف محقق للمواطنين أمنياتهم ويستجيب لطلباتهم بأسهل الطرق وبشكل يسد الحاجة، فإذا تحقق هذا فسوف يكون هذا البنك اكبر منافس للبنوك التجارية التي ملأت ولاتزال تملأ الصفحات الأولى من الصحف والمجلات بإعلاناتها التي تغريك وتناديك إلى التقدم للحصول على ما تريد فتتناول كيسا تجمع فيه بعض أحلامك وآمالك وتطلعاتك نحو المستقبل وتنطلق إلى أقرب فرع من البنوك إلى منزلك، فإذا وصلت إلى هناك ستجد من العقد (التعقيد والشروط) ما يجعلك تشك في صحة قراءتك الأخبار والإعلانات والدعايات التي لم تكن أكثر من حبر على ورق لتذكير الناس باسم البنك في الدرجة الأولى لسحب ما لديهم من سيولة نقدية لملء خزينة البنك. وأثناء البحث والمناقشة والإطلاع على الشروط تتضح لك بعض الحقائق : أولاً : إن هذه القروض ليست للفقراء المعدمين الذين يضطرون لاستئجار غرفة أو غرفتين تلم شتات أسرهم ونقيهم حرارة الصيف وبرودة الشتاء. ثانياً : لابد أن يكون المقترض موظفاً حكومياً أو موظفاً في إحدى الشركات الكبرى التي تلتزم بتحويل راتب الموظف عن طريق البنك المقصود. ثالثا : إذا توافر بيت أو ورشة أو مشروع مملوك للمقترض فإن رهن الصك يكفي عن الشرط الثاني. أما إذا كان طالب القرض لا ينطبق عليه الشرطان الثاني والثالث فإن نجوم السماء أقرب إليه من الحصول على القرض. ثم طلع علينا بنك التسليف وهو موجود منذ زمن فظننت أنه سيكون أرحم من البنوك التجارية التي تسعى دائما للربح بحيث تكون المستفيد الأول من القروض، فإذ بهذا البنك لا يختلف كثيراً عن تلك البنوك التي تكسر ظهور المقترضين بفوائد القروض التي تحولت إلى مشكلة عالمية يعانيها اولئك الذين سلموا رقابهم للبنوك بجرة قلم (مجر وتوقيع) إن هذه الاشتراطات وارتفاع الفوائد لا تعكس ما تنعم به بلادنا ازدهار اقتصادي ولا يتواءم أبداً مع ما يذاع وينشر عن رغبة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وحكومتنا الرشيدة في مكافحة الفقر ومد يد العون إلى كل محتاج وتسهيل الإجراءات ونبذ التعقيدات الاجرائية التي تولد اليأس في نفوس من يزدحمون أمام بنك التسليف إلى حد الإغماء، ومع ذلك لا يفوتني أن أقول لكل راغب في قرض: خذ الكيس نعم خذ الكيس، لكن هذه المرة تكون فيه تحويشة العمر بعد أن تبهرك وتغريك إعلانات وكالات السيارات بدون دفعة أولى ـ من دون كفيل غارم ـ دون تحويل الراتب إلى أقساط مريحة نتحمل عنك إلى ثلاثة أقساط وما أن تنتهي قراءة بعض هذه الإعلانات حتى يتبادر إلى ذهنك أنك فزت بالحصول على سيارة فتبشر أم العيال والأولاد لكنك ما أن تبدأ خطواتك الأولى بعد أن تأخذ الكيس وتبدأ المفاوضات حول الحصول على السيارة المطلوبة حتى تكتشف أن ما قرأته في الصحف أو شاهدته على شاشة التليفزيون أو في أية وسيلة من وسائل الدعاية يبخر تلك الوعود والإغراءات التي لم يقصد بها إلا مجرد لفت النظر وتأتي بدلاً منها شروط معاكسة للاتجاه تماماً، لذلك عليك من الآن فصاعداً إذا قرأت أو رأيت إعلاناً من هذه الإعلانات أن تبدل كلمة ( بدون ) إلى كلمة ( يجب )، أما بقية الشروط فهي شروط المؤسسات العاملة في القطاع الخاص ويديرها غير سعوديين الذين يحاولون إبعاد السعوديين عنها، ولذلك أكرر وأقول لك : خذ الكيس. aalshabbat@alyaum.com