ماذا بعد الألباني

Abstract

رحمه الله ما أجمله.. ما أروعه، كم أحبه وأعشق سيرته، هذا المنحدر من جبال ألبانيا، طرده والده الفقيه لأنه يطالب بالدليل لا التقليد، وطردته بلاده سامحها الله رغم أنه لا يتعاطى السياسة، ألجأته قسوة الحياة إلى الترحال حتى مات كلاجئ، كان يعيل أولاده من تصليح الساعات وهو الذي لو كان عند أمم الشرق أو الغرب لصنعوا له التماثيل، ولأطلقوا اسمه على مدن وميادين، ولخصصوا له مراكز للبحث وميزانيات رهن إشارته، لم أكحل عيني برؤيته، لكنه يحتل مساحة رائعة في قلبي.. يحررك هذا الرجل من قالوا وقلنا.. ينقلك مباشرة نحو النبع، نحو: قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم مباشرة، له أخطاؤه لأنه بشر، لكنه يظل قامة لا تطاول، جدد للأمة وأحيا سنة نبيها بمؤلفاته، كتبه الفقهية وآراؤه جديرة بالاحتفاء، لكن الأهم هو جهوده في خدمة السنة، هو نقلة نوعية ومجدد من مجددي القرن العشرين في هذا الشأن، لن أطيل التغني بحبيبي الراحل رحمه الله وجمعنا به في جناته، فالذي يهمني هو ما بعد (محمد ناصر الدين الألباني) فأنا مأخوذ بإكمال رسالته ومشروعه: لدينا أقسام للسنة في جامعاتنا العملاقة (الإمام والإسلامية والملك سعود وغيرها) ولدينا وزارات ورئاسات تعنى بشأن السنة وخدمتها وتشكر عليها كالشؤون الإسلامية والتربية والتعليم والبحوث والإفتاء، افتعجز هذه الجهات الرسمية بميزانياتها الهائلة ورجالاتها العظام وباحثيها المتمكنين عن تبني مشروع لتصفية السنة مما علق بها من أحاديث مكذوبة وضعيفة؟ أفتعجز هذه الجهات عن التنسيق فيما بينها لتنجز لنا خلال عقد دراسة لكافة أحاديث السنة المطبوعة وفرزا لصحيحها من ضعيفها؟ لا أظن، بل هي أهل لأكثر من ذلك، إذاً: أفينجز رجل ما تعجز عنه دول ووزارات؟. أتمنى حشد كل عبارات الاستفزاز الإيجابي لهذه الجهات الكريمة علها تتحرك. اعذروني فترشيحي لبلادي لا يستند إلى أحلام، فهي صاحبة سبق في مشاريع كبرى مماثلة، فقد كان عهد الملك فهد رحمه الله عهد العناية بطباعة القرآن في أجمل صورة بإنشاء (مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف) حتى أصبح المصدر الأول في العالم للمصاحف، فلم لا يكون عهد خادم الحرمين الملك عبدالله عهد خدمة السنة وتصفيتها، أمنية أوجهها عبر جريدتنا الرياض فهي جريدة بإيصال الكثير من الآمال والآلام لخادم الحرمين، ومن دل على شيء فله أجره وأجر من عمل به. لإن حدث ذلك فسيكون للملك عبدالله بصمته الإسلامية الكبرى في تاريخه وفي تاريخ المملكة، وفي التاريخ الإسلامي الحديث، وسيكون للمملكة إنجازها الثاني (تصفية السنة مما علق بها وشوهها) بعد أن دأبت بعلمائها ودعاتها ومناهجها على تصفية العقيدة مما علق بها وشوهها، أتمنى ذلك فعالمنا الإسلامي اليوم أشد عطشاً لنبع السنة الصحيحة فقد سئمت الجداول الملوثة بالمرويات المزورة والمكذوبة.