جدوى الثقافة الخيرية

Abstract

جدوى الثقافة الخيرية سعود البلوي لا يزال مفهوم العمل التطوعي عائماً وفضفاضاً في ثقافتنا المحلية وربما على المستوى العملي تحديداً، ورغم حب أفراد مجتمعنا للعمل الخيري التطوعي انطلاقاً من مبدأ التكافل الاجتماعي إلا أن تجربة السنوات الماضية كشفت لنا بعض حقائق العمل الخيري التطوعي التي أهمها هشاشة تطبيق النظم لغايات العمل الخيري من خلال التجاوزات المؤسساتية إذ قد يتم توجيه بعض الأعمال الخيرية وفق أجندة أخرى غير معمول بها أمام الجهات الرسمية. ورغم الرقابة على الأعمال الخيرية الآن إلا أن هناك تجاوزاً للدور المحدد الذي من المفترض أن تؤديه الجمعيات والمؤسسات الخيرية بناء على لوائحها وأنظمتها العامة، ومن اللافت للنظر في الفترة الأخيرة كثرة الأنشطة المسماة بـ الثقافية التي تقوم بها بعض الجمعيات التي تهتم أعمالها بالشأن الاجتماعي سواء على مستوى الفرد أو الجماعة، وهذا بالتأكيد نتيجة غياب المؤسسات الثقافية الرسمية المنضوية تحت مظلة وزارة الثقافة والإعلام وإحجامها عن القيام بدورها المنوط بها من خلال إقامة الأنشطة الثقافية؛ لهذا برزت بعض الجمعيات الخيرية في هذا المجال لتقوم بالدور أصالة عن نفسها ونيابة عن المؤسسة الثقافية الرسمية -كالأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون- التي لا تزال عاجزة عن النزول إلى حاجات المجتمع الثقافية في أماكن تواجد الناس وهذا ما يسهم في إشاعة الصورة النمطية حول الأبراج العاجيّة للثقافة والمثقفين، إذ لم تستطع المؤسسة الثقافية الرسمية حتى الآن مصافحة المجتمع إن جاز لنا التعبير، وكأن إقامة الأنشطة محددة بفترة موسمية واحدة وبعدها تغيب مؤسساتنا في إجازة استثنائية طويلة؛ مما يولد فراغاً حقيقياً في الساحة الثقافية فتقوم بعض الجمعيات والمؤسسات الخيرية باستثمار هذا الغياب لتقديم البرامج على طريقتها بالاستفادة من هذا الفراغ المؤسسي الكبير لتقديم أنشطتها الثقافية التي لا أستطيع الجزم بأنّ لها علاقة بالثقافة، لكنها على أي حال تُقدَّم على أنها أعمال ثقافية (خيرية) ربما تكون على حساب الأعمال الخيرية التطوعية الأخرى التي تهتم بالشأن الاجتماعي على وجه الخصوص والتي تُجمع عن طريق تبرعات الموسرين من رجال الأعمال وفاعلي الخير في المجتمع الذين غالباً ما تكون العلاقات الشخصية هي الطريق الأقصر إليهم وهذا أمر شائع ومعروف، ولكن هذه العلاقة بين الطرفين قد تسمح في (تجيير)....